للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التى وقعت له؛ فشقّ من الصليبة فى موكب حفل، وطلع إلى القلعة، وكان له يوم مشهود.

ودخل وقدّامه الأسرى (١) من العربان، وكانوا نحو ألف إنسان؛ فلما طلع إلى القلعة، رسم بأن يوسّطوا هؤلاء (٢) العربان جميعها، وأبقى منهم أكابرهم، ومشايخهم؛ ثم إنّ السلطان نادى فى القاهرة، بأنّ فلاّحا لا يركب فرسا، ولا يشترى سلاحا، ولا سيفا، ولا رمحا.

ثم بعد أيام أرسل ابن الأحدب (٣)، شيخ عربان قبيلة عرك، الذى خرج السلطان بسببه، وهرب من وجهه، فأرسل يطلب الأمان من السلطان، وأنّه يدوس بساط السلطان ويحضر، ويقابل، فأرسل له السلطان منديل الأمان، على يدى خاصكى.

فلما وصل إليه، حضر إلى الأبواب الشريفة، وقابل السلطان، فلما قابله، أخلع عليه السلطان خلعة سنيّة، وأقرّه على عادته، شيخ قبيلة عرك.

ثم رسم له بالتوجّه إلى بلاده، فعاد إليها بعد أيام، وخمدت فتنة العرب، بعد ما قد ذهبت فيها أرواح وأموال، وتيتّمت فيها أطفال، وكانت حادثة صعبة مهولة، حتى إنّ السلطان خرج إليها بنفسه، واتّقع مع العربان، وجرى ما تقدّم ذكره؛ وفى ذلك يقول بعض الشعراء:

ما هادن (٤) السلطان أعداءه … إلا لأمر فيه إذلالهم

حتى له تكثر أموالهم … وللضبا تكبر أطفالهم

وفى هذه السنة، نادى السلطان فى القاهرة، أن لا يهودى، ولا نصرانى، يستعان بهم فى ديوان؛ وأن لا يركبوا مع مكارى مسلم؛ وأن تكون عمائمهم أقلّ من عشرة أذرع؛ وإذا ما مرّوا بالمسلمين، وهم راكبون، ينزلون عن البهائم؛


(١) الأسرى: الأسراء.
(٢) هؤلاء: ذلك.
(٣) الأحدب: الأحذب.
(٤) هادن: هاذن.