للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما دخل القاهرة خدم عند قرا سنقر، وصار من أتباعه، ثم تنقّلت به الأحوال وخدم عند جقمق، الذى كان نائب الشام، وسمّى نفسه تغرى برمش، وصار دوادار جقمق نائب الشام، فلما سجن الأشرف برسباى بقلعة دمشق، صار يتقضّى أشغاله، فلما تسلطن برسباى جعله من جملة أمراء دمشق، فلما راج أمره بقى نائب حلب فى أثناء دولة الأشرف برسباى، فلما تسلطن جقمق أرسل بالقبض عليه فأظهر العصيان، فبعث إليه تجريدة، ولا زال عليه حتى قتله.

وكان الظاهر (١) جقمق يكره جماعة الأشرف برسباى قاطبة، وقتل غالب مماليكه، وصادر أعيان دولته، وأخرب دور أناس كثيرة من حاشيته، ونفى غالب مماليكه إلى الواح وغيرها من البلاد؛ وقد بلغ الظاهر جقمق قصده من جماعة الأشرفية، ووقع له أمور غريبة لم تقع لأحد قبله من الملوك، وظفر بأعدائه شيئا بعد شئ، فى مدّة يسيرة دون السنة. - وقد وقع فى [هذه] السنة من الحوادث والعجائب والغرائب ما لا يحصى ويسمع بمثلها.

ثم دخلت سنة ثلاث وأربعين (٢) وثمانمائة

فيها فى المحرم، أورد القاضى عبد الباسط إلى الخزائن الشريفة، مما قرّر عليه من الأموال، نحو مائتى ألف دينار؛ فلما أورد ذلك رسم السلطان بالإفراج عن سيدى أبى بكر بن عبد الباسط، وعن زوجة القاضى عبد الباسط، الستّ شكرباى، وعن شرف الدين البرهان مباشره، بعد أن قرّر عليه عشرة آلاف دينار، خارجا عما (٣) فى جهته للديوان المفرد؛ وأفرج عن أرغون دواداره، وقرّر عليه عشرة آلاف دينار؛ ثم صار القاضى عبد الباسط فى الترسيم فى مكان فى الحوش السلطانى، حتى يغلق ما قرّر عليه من المال، والسلطان يصمّم على أنه ما يأخذ من القاضى عبد الباسط أقل من ألف ألف دينار، وهو يظهر العجز؛ وصار القاضى كمال الدين بن البارزى


(١) الظاهر: الأشرف.
(٢) وأربعين: وأربعون.
(٣) عما: عن ما.