للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم دخلت سنة اثنتين وثلاثين (١) وثمانمائة

فيها فى المحرم، انتهت الزيادة من النيل المبارك إلى عشرين ذراعا، ثم انهبط سريعا، ونقص الماء فى ليلة واحدة ثلاثة أذرع. ولم يثبت، فشرق غالب البلاد. - وفيه فى خامس عشره، الموافق لعاشر بابه، أمطرت السماء مطرا غزيرا، وقام رعد وبرق شديد، وجاء الخبر أن فى نواحى البهنسا، وقع برد عظيم فى تلك الليلة، وكان قدر كل بردة كبيضة الدجاجة، فهلك به من الأغنام والأبقار ما لا يحصى، وكان ذلك فى أواخر فصل الحرّ، حتى عدّ ذلك من النوادر، وقام عقيب ذلك ريح أسود، حتى كادت القيامة (٢) أن تقوم.

وفيه قام الأمير قرقماس الشعبانى، حاجب الحجاب، قياما تاما فى إراقة الخمور وحرق الحشيش، وهدم مواضع الحانات، وبيوت الفسق، وكسر من أوانى الخمور نحوا من عشرة آلاف جرّة، حتى صار بركة خمر تجرى فى الرملة، وقد قال القائل فى المعنى:

الخمر قد بدّدوه … فى الأرض طولا وعرضا

ما كنت أرضى بهذا … ياليتنى كنت أرضا

وفى صفر، توفّى القاضى شمس الدين سويدان، وكان عارفا بالقراءات السبع، وتولّى فى وقت حسبة القاهرة، وكان ريسا حشما، رأى أوقات حسنة، وعظمة زائدة.

وفى ربيع الأول، تعصّب المماليك على عبد القادر بن أبى الفرج الأستادار، ونزلوا إلى بيته ونهبوه، ثم مضوا إلى بيت الوزير وفعلوا مثل ذلك، وكانت المماليك الأشرفية قد تمرّدت (٣) وجارت على الناس. - وفيه غيّب الأستادار ليلة الجامكية، فنفق السلطان الحامكية من الخزانة.


(١) اثنتين وثلاثين: اثنين وثلاثون.
(٢) القيامة: القيمة.
(٣) تمرّدت: كذا فى الأصل، وأيضا فى باريس ١٨٢٢ ص ٣٣٠ ب. وفى طهران ص ١٦٨ ب، وكذلك فى لندن ٧٣٢٣ ص ١٧١ آ: تنمردت.