للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها، وردت الأخبار من بلاد الصعيد، أنّ العربان قاطبة قد خرجوا عن الطاعة، وأظهروا العصيان، ونهبوا الغلال من الجرون؛ وكان شيخهم شخصا يسمّى عمر ابن الأحدب (١)، شيخ قبيلة عرك؛ فاجتمع عليه عدّة قبائل من العربان، الذين (٢) هناك، وتحالفوا على العصيان على السلطان قاطبة، والخروج عن الطاعة.

فلما تحقّق السلطان صحّة هذه الأخبار، خرج إليهم بنفسه، وتوجّه معه سائر الأمراء قاطبة؛ فكان جاليش العسكر، الأمير شيخوا العمرى، أحد المقدّمين، والأمير طاز الناصرى، والأمير صرغتمش الناصرى.

فتقدّموا هؤلاء الأمراء المقدّمين أمام العسكر، فاتّقعوا هم والعربان، فكان بين الفريقين واقعة، لم يسمع بمثلها فيما تقدّم من الزمان من الواقعات المشهورة؛ فقتل من العربان فيها فوق العشر آلاف إنسان؛ وهرب شيخهم ابن الأحدب (١).

فصار الأمير شيخوا يقطع رأس كل من رآه من الفلاّحين يقول: «دكيك» (٣)؛ فلا زال يقطع من رءوس العربان والفلاّحين، الذين (٢) بضياع الصعيد، حتى بنى من رءوسهم عدّة مصاطب ومآذن (٤) على شاطئ بحر النّيل، كما فعل هولاكو (٥) ببغداد.

فلما جرى ذلك، رسم السلطان للأمير شيخوا بأن يمشى وراء شيخهم ابن الأحدب (١) إلى آخر بلاد الزنج، فمشى هو، والأمراء، خلفه، مسيرة سبعة أيام، حتى دخلوا أطراف بلاد الزنج، فلم يحصّلوه، فرجعوا من هناك.

ثم إنّ السلطان قصد العود إلى نحو الديار المصرية، وقد غنم عسكر السلطان من العربان أشياء كثيرة، من خيول، وجمال، وأغنام، وأبقار، وسيوف، ورماح، ودرق، وغير ذلك.

ثم إنّ السلطان دخل إلى الديار المصرية، وهو فى غاية السرور بهذه النصرة


(١) الأحدب: الأحذب.
(٢) الذين: الذى.
(٣) دكيك: كذا فى الأصل.
(٤) ومآذن: ومواذن.
(٥) هولاكو: هلاكو.