الملك الناصر، وكان سبب ذلك أنّ صاحب أفريقية، وهو أبو يحيى اللحيانى، قدم على الملك الناصر، وقال له:«أرسل معى عسكرا إلى أفريقية، فإذا فتحت المدينة وملكتها، التزمت للسلطان أن أقيم نفسى بها نائبا عنه»، فعيّن السلطان معه تجريدة، بها نحو مائة مملوك، ومعهم أمير عشرة باشهم.
فلما توجّهوا إلى أفريقية تسامعت بهم أهل تلك النواحى، فالتفّ عليهم جماعة من المغاربة والعربان، فعظم أمر أبو يحيى (١)، ومشى على غالب بلاد تونس، وحاصر مدينة أفريقية، حتى فتحها، ودخل إليها وعلى رأسه الصناجق السلطانية، وحوله العساكر المصرية، فطرد من كان بها من ملوك الغرب، وملكها أبو يحيى؛ فلما استقرّ بها، خطب باسم الملك الناصر على منابرها، كما قرّر معه، واستمرّ بها، ورجع العسكر إلى القاهرة.
ومن الحوادث فى تلك السنة، أنّ السلطان عزل نائب الشام، الأمير آقوش الأفرم؛ واستقرّ بالأمير كراى المنصورى، وهو صاحب الحمّام التى فى سوق الغنم، نائب الشام، عوضا عن آقوش الأفرم؛ فأقام كراى فى نيابة الشام مدّة يسيرة، وأرسل السلطان قبض عليه، وأعاد الأمير آقوش الأفرم إلى نيابته، كما كان بها.
وفى هذه السنة، قبض السلطان على الأمير بكتمر الجوكندار، نائب السلطنة، وسجنه بالقلعة؛ ثم أخلع على الأمير بيبرس الدوادار، واستقرّ به نائب السلطنة، عوضا عن بكتمر الجوكندار.
وفيها جاءت الأخبار من الشام، بأنّ نائب الشام قد تسحّب من هناك، هو والأمير قراسنقر، وتوجّها إلى بلاد التتار، وقد بلغهما أنّ السلطان يروم القبض عليهما، فهربا بسبب ذلك.
وفى هذه السنة، أعنى سنة إحدى عشرة وسبعمائة، فيها، فى ثانى عشر رجب، توفّى الإمام العلامة نجم الدين أبو العبّاس أحمد بن محمد بن على بن الرفعة الأنصارى،