للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أشهر، ومات وهو مسلم، ودفن بمقابر المسلمين.

وفى شهر ذى الحجّة، فيه قدمت الأخبار من البحيرة، بأنّ سائر قبائل العربان تحالفوا على العصيان، وخرجوا عن الطاعة، ونهبوا المغل من البلاد؛ فلما تحقّق الأتابكى برقوق ذلك، عيّن الأمير آلان الشعبانى، أمير سلاح، وعيّن صحبته خمسمائة مملوك (١)، وخرج من يومه؛ فلما وصل إلى هناك، اتّقع مع العربان فكسروه كسرة مهولة، وقتلوا من المماليك السلطانية الذين (٢) معه، جماعة.

فلما جاءت هذه الأخبار إلى الأتابكى برقوق، اضطربت القاهرة، وأمر الأتابكى برقوق بتعليق الجاليش، وقصد أن يخرج بالسلطان صحبته إلى البحيرة، فأشار عليه بعض الأمراء بعدم خروج السلطان، وأنّ جميع الأمراء والعسكر قاطبة، تخرج إلى البحيرة، وتحارب العربان.

ثم جاءت الأخبار من بعد ذلك، بأنّ نائب الإسكندرية جمع من العربان الطائعة، وتوجّه إلى البحيرة، واتّقع مع العربان، فكسرهم وشتّت شملهم، فهربوا من وجهه إلى برقة، فتبعهم إلى أعلا برقة؛ فلما قدم هذا الخبر إلى الأتابكى برقوق، بطل أمر التجريدة، وخروج السلطان، ورجع العسكر الذى كان توجّه إلى البحيرة، وخمدت تلك الفتنة.

وفيه شرع الأتابكى برقوق فى عمارة جسر الشريعة، الذى بطريق الشام، عند قرية أريحا، على النهر الذى هناك، وجعل طوله مائة وعشرين ذراعا، وعرضه نحو عشرين ذراعا، فأصرف على بناء هذا الجسر جملة مال، وحصل به غاية النفع للمسافرين؛ وفيه يقول الشهاب أحمد بن العطّار:

أيا ملكا بنى جسرا بعدل … به حمل الأنام على الشريعة

له شرف على الجوزاء سام … وفوق الحوت أركان منيعة

وفى هذا الشهر، أمر الأتابكى برقوق بإبطال ضمان الملح، من عينتاب، ومن


(١) مملوك: مملوكا.
(٢) الذين: الذى.