للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال من الحديث: أن النبي نهى عن بيع ما ليس عند البائع، وعقد الاستصناع ليس عند البائع وقت العقد، فلا يصح بيعه لهذا الحديث (١).

نوقش: بأن النهي عن بيع ما ليس عند البائع، إذا كان المبيع عينًا معينة يبيعها وهي ليست ملكه بل ملك غيره ثم يسعى في تحصيلها، أو بيع ما لا يقدر على تسليمه فيكون من بيع الغرر، أما الاستصناع فليس كذلك إذ هو بيع آجل موصوف في الذمة ويغلب على الظن إمكان إيجاده وقت طلبه (٢).

الدليل الثاني: أجمع أهل العلم على تحريم بيع الدين بالدين (٣)، وعقد الاستصناع فيه تأجيل البدلين فهو دين بدين، فلا يجوز (٤).

نوقش من وجهين:

الوجه الأول: عدم التسليم بهذا الإجماع؛ لأنه مبني على حديث ضعيف (٥)، ولوجود الخلاف فيه قال الدكتور الصديق الضرير: "وأرى جواز بيع الدين


(١) انظر: الإنصاف، للمرداوي ٤/ ٣٠٠، الفروع، لابن مفلح ٤/ ٢٣، حاشية الروض المربع، لابن قاسم ٥/ ٢٠.
(٢) انظر: مجموع الفتاوى، لابن تيمية ٢٠/ ٥٢٩، إعلام الموقعين، لابن القيم ص ٢٧٠، عقد الاستصناع، لبدران، ص ٤٧.
(٣) انظر: الإجماع، لابن المنذر ص ١٣٦.
(٤) انظر: المدونة، للإمام مالك ٣/ ٦٩، التاج والإكليل، للمواق ٦/ ٤٧٦.
(٥) وهو ما جاء عن ابن عمر ، أن النبي : «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ» رواه الدارقطني في سننه، كتاب البيوع، برقم ٣٠٦٠، والحاكم في المستدرك ٢/ ٦٥، برقم ٢٣٤٢. والحديث منكر؛ فيه موسى بن عبيده أنكر الأئمة حديثه. وقال الشافعي عن هذا الحديث: "أهل الحديث يوهنون هذا الحديث"، وقال أحمد بن حنبل: "وليس في هذا حديث صحيح". انظر: العلل، للدارقطني ١٣/ ١٩٣، تهذيب الكمال، للمزي ٢٩/ ١٠٩، التلخيص الحبير، لابن حجر ٣/ ٧١، الجامع لعلوم الإمام أحمد ١٥/ ١٣ - ١٤.

<<  <   >  >>