للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو جهالة مغتفر للحاجة (١)، بل إنها مفسدة عارضتها مصلحة راجحة وهي سد أبواب الفوضى والتلاعب بحقوق عباد الله، وعند المعارضة تقدم المصلحة الراجحة. قال ابن تيمية: "والشريعة جميعها مبنية على أن المفسدة المقتضية للتحريم إذا عارضها حاجة راجحة أبيح المحرم" (٢)، وهذا الشرط الجزائي لا يؤدي إلى التنازع والاختلاف، بل يؤدي إلى تقليل النزاع والاختلاف حول الضرر ومقدار التعويض عنه إذعاناً للشرط الذي اتفق عليه المتعاقدان، وتراضيا عليه، والرجوع إلى القضاء بعد تقدير التعويض بالشرط الجزائي ليس في كل الأحوال، بل فيما إذا تبيّن أن الشرط الجزائي مبالغ في تقديره مبالغة فاحشة، فيرجع فيه إلى القاضي ليعدله ليتوافق مع العدل (٣).

الدليل الثاني: أن عرف الناس جرى على أن الشرط الجزائي مقابل التأخير في تسليم المستصنع يستحق بمجرد الإخلال دون ضرر، وأكده الحكم بجواز الشرط الجزائي، وأنه لا يعدل إلا في حالة المغالاة فيه، وفي هذا أكل للمال بالباطل (٤).

يناقش: بأن التأخير في تسليم المستصنع لا يخلو من ضرر إما بفوات منفعة أو حصول مضرة، وعلى فرض عدم وجود ضرر فإنه لا دليل يمنع ما تعارف عليه الناس، وليس فيه أكل للمال بالباطل إذا تم الشرط برضا الملتزم ولم يكن له عذر في التأخير.


(١) انظر: مجموع الفتاوى، لابن تيمية ٢٩/ ٢٢٧ - ٢٢٨.
(٢) القواعد النورانية، لابن تيمية ص ١٩١.
(٣) انظر: الشرط الجزائي، للحموي ص ٣٨٢، الشروط التعويضية، لعياد العنزي ١/ ٣٨٥.
(٤) انظر: أبحاث هيئة كبار العلماء ١/ ٢١٤، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، الدورة الثانية عشرة ١٤٢١ هـ ٢/ ٣٠٦.

<<  <   >  >>