للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نوقش: بأن معنى الإرفاق متحقق في دين الكتابة، وغيره من الديون، فهو إرفاق من الدائن بإسقاط بعض حقه، وإرفاق من المدين بتعجيل أجل الوفاء ليبرئ ذمته (١).

دليل القول الرابع: بأنه إن كان الساقط من الدين جزء من ربحه مقابل الأجل بقسطه فلا وجود لشبهة الربا؛ ووجه أن الربح في مقابلة الأجل، لأن الأجل وإن لم يكن مالا، ولا يقابله شيء من الثمن لكن اعتبروه مالًا في المرابحة إذا ذكر الأجل بمقابلة زيادة الثمن، فلو أخذ كل الثمن قبل الحلول كان أخذه بلا عوض (٢).

الترجيح: بعد عرض الأقوال الواردة في هذه المسألة، وأدلة كل قول، ومناقشة ما يحتاج منها إلى مناقشة، يتبين لي والله أعلم أن القول الراجح هو القول الأول، القائل بجواز إسقاط بعض الدين المؤجل بشرط تعجيل الأجل؛ وذلك لأن الأصل في العقود والشروط الحل والإباحة، فلا نخرج عن هذا اليقين إلا بيقين، ولم يوجد في أدلة المانعين ما يقوى على المنع، إلا إذا كان هناك اتفاق مسبق وزِيدَ في الثمن والأجل على الثمن والأجل المعتاد للسلعة فإنه محرم؛ لأنه تحايل على الربا، فقد يكون للسلعة ثمن مؤجل فيتفق المتعاقدان على الزيادة على هذا الأجل، مقابل الزيادة في الثمن، وأنه متى تم الوفاء في الأجل الأول المعتاد فإنه تسقط الزيادة كاملة، وإذا تأخر تبقى عليه من الزيادة بقدر ما بقى عليه من الأجل، وهذا تحايل على الربا، أما إن لم تكن هناك زيادة على الثمن المؤجل المعتاد واتفق المتعاقدان على إنه إن عجل المدين الوفاء وضع عنه الدائن ما يقابل الأجل من الربح فإن هذا جائز، وفيه مصلحة للطرفين.


(١) إغاثة اللهفان، لابن القيم ٢/ ١٣ - ١٤.
(٢) انظر: حاشية ابن عابدين ٦/ ٧٥٧.

<<  <   >  >>