للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الثاني: أن إسقاط بعض الدين المؤجل مقابل تعجيله عكس الربا، فإن الربا يتضمن الزيادة في الدين، والزيادة في الأجل، وضع وتعجل تتضمن النقص من الدين، والنقص من الأجل، والربا إضرار محض بالمدين، ونفعه مختص برب الدين، وضع وتعجل تتضمن براءة ذمة المدين، وانتفاع الدائن بما يتعجله، فكلاهما حصل له الانتفاع من غير ضرر بالآخر (١).

الوجه الثالث: أن العوض عن الأجل في ضع وتعجل ساقط من ذمة المدين، والعوض عن الأجل في زد وتأجل واجب في ذمة المدين (٢).

أدلة القول الثالث:

الدليل الأول: أن المكاتب لا يجري بينه، وبين سيده ربا فجاز إسقاط بعض دينه مقابل التعجيل في باقي دينه (٣).

نوقش: بعدم التسليم بأن المكاتب لا يجري بينه وبين سيده ربا، فالمكاتب مع سيده أجنبي في باب المعاملات، وإسقاط بعض دين المكاتب مقابل تعجيله جائز لانتفاء حقيقة الربا في هذه المعاملة، وسائر الديون كدين المكاتب (٤).

الدليل الثاني: أن معنى الإرفاق فيما بين المكاتب وسيده، أظهر من معنى المعاوضة، فلا يكون هذا مقابلة الأجل ببعض المال، ولكنه إرفاق من السيد بإسقاط بعض دين مكاتبه (٥).


(١) انظر: إعلام الموقعين، لابن القيم ص ٧٤٦، إغاثة اللهفان، لابن القيم ٢/ ١٣.
(٢) تفسير آيات أشكلت، لابن تيمية ٢/ ٦٣٧.
(٣) المبسوط، للسرخسي ١٣/ ١٢٦، المغني، لابن قدامة ٤/ ٥٣، مطالب أولي النهى، للرحيباني ٣/ ٣٣٦.
(٤) إغاثة اللهفان، لابن القيم ٢/ ١٣ - ١٤.
(٥) تبيين الحقائق، للزيلعي ٥/ ٤٣.

<<  <   >  >>