للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أُتِيَ بِجَنَازَةٍ أُخْرَى، فَقَالَ: «هَلْ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ؟»، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ»، قَالَ: أَبُو قَتَادَةَ عَلَيَّ دَيْنُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَصَلَّى عَلَيْهِ" (١)، فقد ارتفع الضرر عن الميت بعد توثيق دينه بكفالة أبي قتادة ولم يتعين لإبراء ذمة الميت حلول الأجل (٢).

يجاب: بأن في حديث سلمة بن الأكوع دلالة على حلول الدين المؤجل؛ وذلك أن النبي لم يستفصل عن الدين الذي على الميت هل هو حال أو مؤجل؟ مما يدل على العموم، وكفالة أبي قتادة ليس فيها دلالة أنه أبقى الدين إلى أجله بل يدل على أنه سيوفي صاحب الحق حقه بعد الصلاة على الميت تعجيلًا لإبراء ذمته.

الدليل الرابع: إن الدين المؤجل كان متعلقاً بذمة المدين في حياته، أما بعد وفاته فلا يخلو هذا الدين: إما أن يبقى في ذمة الميت أو ينتقل إلى ذمم الورثة، أو يتعلق بعين المال المتروك، أما بقاؤه في ذمة الميت فلا يجوز لأن ذمته قد خربت بالموت وتعذرت مطالبته به، وأما انتقاله إلى ذمم الورثة فلا يجوز؛ لأنهم لم يلتزموا بالدين، ولم يرض الدائن بذممهم، فلم يبق إلا أن يتعلق الدين بالمال المتروك فيلزم الوفاء به حالاً (٣).

نوقش: بأن الدين ينتقل إلى ذمم الورثة إذا رضوا، والتزموا بأداء الدين وقت حلوله، وأما عدم رضا الغريم بذممهم فيغنيه عن ذلك توثيق الدين برهن أو كفيل مليء (٤).


(١) رواه البخاري، كتاب الكفالة، باب من تكفل عن ميت دينًا فليس له أن يرجع، برقم ٢٢٩٥.
(٢) انظر: نظرية الأجل، للعطار ص ٣١٩، بيع التقسيط وأحكامه، للتركي ص ٣٦٩.
(٣) انظر: الجوهرة النيرة، للعبادي ١/ ٢٤٨، شرح مختصر خليل، للخرشي ٥/ ٢٦٦، حاشية الجمل ٣/ ٣١١ المغني، لابن قدامة ٤/ ٢٨٢.
(٤) انظر: بيع التقسيط وأحكامه، للتركي ص ٣٧٠

<<  <   >  >>