للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استحقاقه بخلاف العاجز" (١)، والمطلُ ليس خاصًا بالدَين، بل كل من تأخر عن أداء ما لزمه من حق بغير عذر، قال ابن الملقن (٢): "يدخل في مطل الغني كل من عليه حق وهو قادر على القيام به، كالزوجين فيما يتعلق بكل منهما من الحق الذي عليه، وكذا الأصول، والفروع، والسادة، والمماليك، والحاكم، والناظر، وغير ذلك" (٣).

وقد أجمع العلماء على أن المماطلة حرام (٤)، واستدلوا على ذلك بالأدلة التالية:

الدليل الأول: قول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ (٥)

وجه الدلالة من الآية: أن الله أمر بأداء الأمانات إلى أهلها، والديون من الأمانات التي أمر الله بأدائها، والمماطلة في أدائها مخالفة لأمر الله تعالى.

الدليل الثاني: عن أبى هريرة أن رسول الله قال: «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ» (٦).


(١) فتح الباري، لابن حجر ٤/ ٥٨٧.
(٢) هو عمر بن علي بن أحمد الأَنْصَارِي الشافعيّ، المعروف بابن الملقن، من أكابر العلماء بالحديث والفقه وتاريخ الرجال، ولد سنة ٧٢٣ هـ، وله كثير من المصنفات، منها "إكمال تهذيب الكمال في أسماء الرجال"، و"التذكرة في علوم الحديث"، و"الإعلام بفوائد عمدة الأحكام"، توفي سنة ٨٠٤ هـ. انظر: طبقات الشافعية، لابن قاضي شهبة ٤/ ٤٣، الأعلام، للزركلي ٧/ ٥٧.
(٣) الإعلام بفوائد عمدة الأحكام، لابن الملقن ٧/ ٣٧٤.
(٤) انظر: مراتب الإجماع، لابن حزم، ص ٩٨، أحكام القرآن، للجصاص ٢/ ١٩٥، بدائع الصنائع، للكاساني ٧/ ١٧٣، حاشية الدسوقي ٤/ ١٨١، التمهيد، لابن عبد البر ١٨/ ٢٨٦، الزواجر عن اقتراف الكبائر، لابن حجر ١/ ٤١٤ - ٤١٥، أسنى المطالب، للأنصاري ٢/ ١٨٦، المغني، لابن قدامة ٤/ ٢٩٢، كشاف القناع، للبهوتي ٣/ ٤١٨، مجموع الفتاوى، لابن تيمية ٢٨/ ٢٢٩. المحلى، لابن حزم ٦/ ٤٦٧.
(٥) سورة النساء، الآية ٥٨.
(٦) رواه البخاري، كتاب الحوالات، باب الحوالة وهل يرجع في الحوالة، برقم ٢٢٨٧، ومسلم، كتاب المساقاة، باب تحريم مطل الغنى وصحة الحوالة واستحباب قبولها إذا أحيل على مَلِيٍّ، برقم ١٥٦٤، واللفظ له.

<<  <   >  >>