للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعًا: منْعُه من السفر: وقد اتفق الفقهاء على جواز عقوبة المدين المماطل بمنعه من السفر، حتى يستوفي صاحب الدين حقه كاملاً (١)؛ لأن الدائن يتضرر بسفر المدين المماطل وذلك لتأخر استيفاء حقه، والضرر يزال فيمنع من السفر (٢).

خامسًا: ضرْبُه: وقد رأى جمهور الفقهاء أنه يجوز ضرب المدين المماطل (٣)، وخالف الحنفية فقالوا بعدم الجواز (٤)، قال الجصاص (٥): "متى امتنع من أداء جميع رأس المال إليه كان ظالماً له مستحقًا للعقوبة واتفق الجميع على أنه لا يستحق العقوبة بالضرب فوجب أن يكون حبساً لاتفاق الجميع على أن ما عداه من العقوبات ساقط عنه في أحكام الدنيا" (٦)، وقال ابن تيمية: "يعاقب الغني المماطل بالحبس فإن أصر عوقب بالضرب حتى يؤدي الواجب وقد نصَّ على ذلك الفقهاء: من أصحاب مالك والشافعي وأحمد ولا أعلم فيه خلافاً" (٧)، وعقوبة المماطل من العقوبات التعزيرية التي يرجع تقديرها إلى الحاكم، فيجوز للحاكم أن يعاقبه بالعقوبة التي تردعه عن المماطلة، وقد يكون الضرب هو العقوبة الرادعة له، فيضربه؛ حفظًا لحقوق


(١) انظر: حاشية ابن عابدين ٥/ ٢٩٤، التاج والإكليل، للمواق ٦/ ٥٩٤، أسنى المطالب، للأنصاري ٢/ ١٨٦، المغني، لابن قدامة ٤/ ٢٩٣، المحلى، لابن حزم ٦/ ٤٨١.
(٢) انظر: المغني، لابن قدامة ٤/ ٢٩٤.
(٣) انظر: منح الجليل، لعليش ٦/ ٥٢، مغني المحتاج، للشربيني ٣/ ١١٦، الإقناع، للحجاوي ٢/ ٢٠٩،
(٤) انظر: بدائع الصنائع، للكاساني ٣/ ١٧٣، الدر المختار، للحصكفي ٥/ ٣٧٨ - ٣٧٩.
(٥) هو أحمد بن علي أبو بكر الرازي المعروف بالجصاص ولد سنة ٣٠٥ هـ، انتهت إليه رئاسة الحنفية في وقته، من أشهر تصانيفه: " أحكام القرآن "، توفي سنة ٣٧٠ هـ. انظر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية، للقرشي ١/ ٨٤. سير أعلام النبلاء، للذهبي ١٦/ ٣٤٠.
(٦) أحكام القرآن، للجصاص ٢/ ١٩٦.
(٧) مجموع الفتاوى، لابن تيمية ٢٨/ ٢٧٩.

<<  <   >  >>