للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ضياع الأسرة وتشتتها، فليكن آخر العقوبات، ويجب التثبت قبل الحبس هل يوجد مال عند المدين المماطل أو لا؟، فإن كان عنده مال ظاهر اُستوفي منه (١)، قال القرافي (٢): "ولا يجوز الحبس في الحق إذا تمكن الحاكم من استيفائه فإن امتنع من دفع الدين، ونحن نعرف ماله أخذنا منه مقدار الدين، ولا يجوز لنا حبسه، وكذلك إذا ظفرنا بماله أو داره أو شيء يباع له في الدين كان رهنًا أم لا فعلنا ذلك، ولا نحبسه لأن في حبسه استمرار ظلمه، ودوام المنكر في الظلم، وضرره هو مع إمكان أن لا يبقى شيء من ذلك كله، وكذلك إذا رأى الحاكم على الخصم في الحبس من الثياب والقماش ما يمكن استيفاؤه عنه أخذه من عليه قهرًا، وباعه فيما عليه، ولا يحبسه تعجيلًا لدفع الظلم، وإيصال الحق لمستحقه بحسب الإمكان. " (٣)، وإن لم يكن له مال ظاهر فإن كان صاحب مهنة أو عمل فليؤخذ من المال الذي يكتسبه منها، وإن لم يكن فليُجبره الحاكم على العمل والتكسب ويأخذ من كسبه ويوفي به الغرماء، وإلا فليحبسه مدة يرى أنها كفيلة بأن تجعله يُخرج ما عند من مال دون أن تطول هذه المدة. مع بيان أن الحبس الشرعي ليس هو السجن في مكان ضيق، قال ابن تيمية: "الحبس الشرعي"ليس هو السجن في مكان ضيق وإنما هو تعويق الشخص ومنعه من التصرف بنفسه" (٤)، وقال: "ولا يجب حبسه بمكان معين فيجوز حبسه في دار نفسه، بحيث لا يمكن من الخروج" (٥).


(١) انظر: حاشية ابن عابدين ٦/ ١٥٠، الفروق، للقرافي ٤/ ٨٠، الإشراف، لابن المنذر ٦/ ٢٥٢، المحلى، لابن حزم ٦/ ٤٧٥.
(٢) هو أحمد بن إدريس القرافي المالكي، كان إماماً في الفقه والأصول، من مصنفاته: "الفروق"، و"الذخيرة" في الفقه وهما من أجل كتب المالكية، توفي سنة ٦٨٤ هـ. انظر: الديباج المذهب، لابن فرحون، ص ٦٢، معجم المؤلفين، لعمر بن عبد الغني ١/ ١٥٨.
(٣) الفروق، للقرافي ٤/ ٨٠.
(٤) مجموع الفتاوى، لابن تيمية ٣٥/ ٣٩٨.
(٥) الفتاوى الكبرى، لابن تيمية ٥/ ٣٩٨، المستدرك على مجموع الفتاوى، لابن تيمية ٤/ ٢٦.

<<  <   >  >>