للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نوقش: بأن الحجر على المدين لا يهدر أهليته؛ لأن جميع تصرفاته غير المالية، وتصرفاته المالية في الذمة صحيحة، ومنعه من التصرف في ماله لتعلق حق الغرماء به (١).

الدليل الثاني: أن في الحجر على المدين المماطل ضرراً عليه، فلا يجوز الحجر عليه (٢).

نوقش: بأن الضرر واقع على الدائن بسبب مماطلة المدين، والمدين المماطل ظالم بمماطلته فلا اعتبار لضرره، وضرر الدائن من مماطلة المدين أعظم وأشد من ضرر المدين بسبب الحجر على أمواله، فيحجر عليه لدفع الضرر الأشد، كما أنه يمكن للمماطل من دفع الضرر عن نفسه بتسديد دينه (٣).

الدليل الثالث: أنه لا يحتاج إلى الحجر، فللدائن المطالبة بحقه، وإن أبى المماطل، فيعاقب بالحبس والملازمة وغيرها، فلا حاجة للحجر (٤).

نوقش: بعدم التسليم بأنه لا يحتاج للحجر على أموال المدين المماطل؛ فقد يتلف المماطل ماله أو يحتال بنقله إلى آخر، حتى لو كان معاقبًا بالحبس والملازمة، ففي الحجر على ماله رفع للضرر عن الدائن، وأحفظ لحقه (٥).

الترجيح: بعد عرض القولين الواردين في هذه المسألة، وأدلة كل قول، ومناقشة ما يحتاج منها إلى مناقشة، تبين لي- والله أعلم- أن الراجح هو القول الأول القائل بجواز الحجر على المدين المماطل؛ لأن عقوبة المماطل من


(١) انظر: استيفاء الديون، للمزيد ص ١٣٩.
(٢) انظر: المبسوط، للسرخسي ٢٤/ ١٦٣.
(٣) انظر: استيفاء الديون، للمزيد ص ١٤٠، المماطلة في الديون، للدخيل، ص ١٦٦.
(٤) انظر: المبدع، لابن مفلح ٤/ ١٨٩، شرح منتهى الإرادات، للبهوتي ٢/ ١٥٧.
(٥) انظر: الكافي، لابن قدامة ٣/ ٢٢٨.

<<  <   >  >>