للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أدلة القول الأول:

الدليل الأول: أن التعويض بالمال يقوم على الجبر بالتعويض، وذلك لا يتحقق إلا بإحلال مال محل مال مكافئ له ليقوم مقامه ويسد مسده، لرد الحال إلى ما كانت عليه؛ إزالة للضرر، وجبرًا للنقص، وليس ذلك بمتحقق في الضرر الأدبي المعنوي؛ لأنه لا يمكن قياسه ومعرفة ما يكافئه من المال (١).

يناقش: بأن عدم التمكن من المكافأة في التعويض الأدبي لا يمنع التعويض مطلقًا بل يرجع فيه إلى التقدير؛ لأن التعويض بالمال إن لم يتمكن فيه من المماثلة والمكافأة فإنه يُرجع فيه إلى التقدير والمقاربة.

الدليل الثاني: أن التعويض المالي في الضرر الأدبي المعنوي يجحف في حق الفقير، ولا يردع الغني، أما العقوبة البدنية: فهي زاجرة للمعتدي فقيرًا كان أو غنيًا، ولذا شرع لهذا الضرر ما يناسبه من الحد، والتعزير الزاجر، والتأديب الرادع، وهو كاف في شفاء غيظ المتضرر، وإزالة ضرره (٢).

يناقش: بعدم التسليم بأن التعويض المالي لا يردع الغني فقد يكون أشد على الغني من العقوبات الأخرى، وقد يكون التعزير بالمال أشد في زجر المعتدين وردعهم، وقد تكون هناك من العقوبات التعزيرية غير المالية ما لا تردع الفقير ولا الغني، فالتقدير في التعزير يرجع للقاضي فإن رأى أن التعويض أو التعزير بالمال هي التي تردع المماطل فله ذلك.

الدليل الثالث: أن في القذف، والغصب، والسرقة، والنهب، أضرارًا أدبية، ولم يأت في الشريعة تعويض مالي عنها، ولا يجوز التعويض المالي عنها،


(١) انظر: الضمان في الفقه الإسلامي، للخفيف ص ٤٥.
(٢) انظر: التعويض عن الضرر، لمحمد بوساق ص ٣٥.

<<  <   >  >>