للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإنما الحد أو التعزير (١)، والضرر الأدبي الذي يناله الدائن لن يصل إلى الضرر الأدبي في القذف والغصب، فمن باب أولى أنه لا يجوز التعويض المالي عنه.

يناقش: بأن العقوبات تنقسم إلى: حدود وتعزيرات؛ أما الحدود فما وصل للسلطان عوقب بما قدرته الشريعة ولا يزاد عليه، ولا يقاس على ما قدرته الشريعة في الحدود، أما إن لم تصل للسلطان وكان الحد حقًا للآدمي كالقذف، فلا يسلم أنه لا يجوز التعويض المالي عنها؛ فلصاحب الحق التنازل عن حقه مقابل مال يأخذه، أما التعزيرات التي لم تقدر فيها الشريعة عقوبة فمردها للقاضي يعاقب بما هو أصلح للمجتمع، وقد يكون الأصلح هو التعويض المالي، أو التعزير بالمال، ولا دليل صحيح يمنع من ذلك.

الدليل الرابع: أن التعويض عن الضرر الأدبي المعنوي يُعد من باب الأخذ على العرض مالا، وهذا لا يجوز، كما لو صالح المقذوف من قذفه على مال فإنه لا يجوز (٢)، جاء في الإنصاف: "وإن صالح سارقاً … أو مقذوفاً عن حده: لم يصح الصلح بلا نزاع" (٣)، فالأعراض لها مكانتها الخطيرة عند المسلمين، وجعلها محل تعويض مالي أمر تأباه الفطر السليمة (٤).

يناقش: بأنه لا دليل صحيح يمنع من جواز أخذ المال على العرض؛ فالنفس مكانتها أشد خطرًا من العرض ومع ذلك يجوز الصلح عليها بالدية


(١) انظر: الضمان في الفقه الإسلامي، للخفيف ص ٤٥.
(٢) انظر: غمز عيون البصائر، للحموي ٣/ ٨١، البحر الرائق، لابن نجيم ٥/ ٣٩، مواهب الجليل، للحطاب ٦/ ٣٠٥، شرح مختصر خليل، للخرشي ٨/ ٩٠، الأم، للشافعي ٣/ ٢٣٩، تحفة المحتاج، للهيتمي ٩/ ١٢٠، المبدع، لابن مفلح ١٣/ ١٦٤، الإنصاف، للمرداوي ٥/ ٢٤٨.
(٣) الإنصاف، للمرداوي ٥/ ٢٤٨.
(٤) انظر: التعويض عن الضرر، لبوساق ص ٣٤

<<  <   >  >>