للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبما يزيد عليها؛ جاء في الإنصاف: "ويصح الصلح عن القصاص بديات، وبكل ما يثبت مهرا" (١)، وأما ما جاء في الإنصاف من أنه "لا نزاع" في عدم جواز الصلح على القذف؛ فإنه يعني أنه لا نزاع في المذهب الحنبلي؛ لأن الإنصاف كتاب في بيان الراجح من الخلاف في المذهب الحنبلي، أما غير المذهب الحنبلي فلا يسلم عدم وجود النزاع فيه مطلقًا، بل أجازه بعض الفقهاء المتقدمين (٢)؛ لأنه حق للآدمي، فله الحق بالعفو مطلقًا أو مقابل المال. قال ابن عثيمين: "على القول بأنه حق للمقذوف وأن للمقذوف إسقاطه، قالوا: إنه لا يصح بعوض؛ لأن هذا الحق ليس ماليّاً، ولا يقصد به المال فلا يصح بعوض، وهذا هو القول الأول، والقول الثاني: أنه يصح بالعوض؛ لأن الذي سوف تسود صحيفته به هو المقذوف، فبدلاً من هذا، يقول: أعطني مائة ألف ريال، وأنا إن شاء الله سأدافع عن نفسي فيما يتعلق بالقذف، وهذا القول له وجهة نظر؛ لأنه حق لآدمي في الواقع، ولهذا لا يقام حد القذف إلا بمطالبة من المقذوف" (٣).

أدلة القول الثاني:

الدليل الأول: قياس المضار المعنوية على المنافع المعنوية فكما أن المنافع المعنوية متقومة، فتقاس المضار المعنوية عليها بجامع أن كلاً منهما عرض لا بقاء له (٤).

نوقش: بأن قياس المضار المعنوية على المنافع المعنوية قياس مع الفارق،


(١) الإنصاف، للمرداوي ٥/ ٢٤٦.
(٢) انظر: الذخيرة، للقرافي ٧/ ٣٢٥، تكملة المجموع، للسبكي ١١/ ٣٦٣.
(٣) الشرح الممتع، لابن عثيمين ٩/ ٢٤٦.
(٤) انظر: نظرية التعسف في استعمال الحق، للدريني ص ٢٩٠.

<<  <   >  >>