للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالمنافع متقومة؛ لأنها أموال (١)، فلا يقاس عليها الضرر المعنوي المجرد عن الضرر الالي (٢).

ويناقش أيضًا: بأن المنافع المعنوية متعلقة بأمور مادية ظاهرة ينتفع بها الإنسان كأجرة البيت أو السيارة ويمكن قياسها، أما المضار المعنوية فهي متعلقة بما يشعر به الإنسان داخليًا من ضرر وهذا لا يمكن قياسه.

الدليل الثاني: أن الواجب في الضرر المعنوي الأدبي هو التعزير، ومن أنواعه: التعزير بالمال، وهو مقرر شرعًا (٣)، والتعويض بالمال عن الضرر الأدبي لا يخرج عن التعزير بالمال المقرر شرعاً (٤).

نوقش من وجهين: الوجه الأول: بعدم التسليم بجواز التعزير بالمال وهو ما اتفقت عليه المذاهب الأربعة (٥)، بل نقل الإجماع عليه (٦)، لأن من أصول


(١) وهو قول جمهور الفقهاء من المالكية، والشافعية، والحنابلة. انظر: حاشية الدسوقي ٣/ ٤٤٢، روضة الطالبين للنووي ٥/ ١٢، المغني، لابن قدامه ٧/ ١٦٢.
(٢) انظر: الشرط الجزائي، لليمني ص ١٨٨
(٣) وقد قال به أبو يوسف من الحنفية، وابن فرحون من المالكية، وابن تيمية، وابن القيم من الحنابلة. انظر: فتح القدير، لابن الهمام ٥/ ٣٤٥، تبيين الحقائق، للبابرتي ٣/ ٢٠٨، تبصرة الحكام، لابن فرحون ٢/ ٢٩٣، مجموع الفتاوى، لابن تيمية ٢٨/ ١١٢، إعلام الموقعين، لابن القيم ص ٢٨٢.
(٤) انظر: نظرية الضمان، لوهبة الزحيلي ص ٢٥.
(٥) انظر: حاشية ابن عابدين ٤/ ٦١، الشرح الصغير، للدردير ٤/ ٥٠٤، تكملة المجموع، للمطيعي ٢٠/ ١٢٥، المغني، لابن قدامة ٩/ ١٧٨. قال ابن قدامة: "التعزير يكون بالضرب والحبس والتوبيخ. ولا يجوز قطع شيء منه ولا جرحه، ولا أخذ ماله؛ لأن الشرع لم يرد بشيء من ذلك عن أحد يقتدى به؛ ولأن الواجب أدب، والتأديب لا يكون بالإتلاف" المغني ٩/ ١٧٨.
(٦) جاء في حاشية الصاوي على الشرح الصغير: "وأما التعزير بأخذ المال فلا يجوز إجماعًا، وما روي عن الإمام أبي يوسف صاحب أبي حنيفة من جواز التعزير للسلطان بأخذ المال فمعناه كما قال البرادعي من أئمة الحنفية أن يمسك المال عنده مدة لينزجر ثم يعيده إليه لا أنه يأخذ لنفسه أو لبيت المال كما يتوهمه الظلمة، إذ لا يجوز أخذ مال مسلم بغير سبب شرعي" ٤/ ٥٠٤ - ٥٠٥

<<  <   >  >>