للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشريعة عصمة الأموال، ولا يترك هذا الأصل إلا بدليل يوازيه، والشريعة أباحت التعزير بالجلد والحبس، وغيرها مما سبق ذكره من العقوبات التعزيرية للماطل ولم تبح ماله، وإباحة ماله يفتح المجال للظلمة بأكل أموال الناس.

يجاب: بأنه وردت العديد من الأدلة التي تبيح التعزير بأخذ المال (١)، وإذا أجازت الشريعة جَلدَه وبشرته وحبسه، فاستباحة ماله من باب أولى، وهي أهون من جَلْدِه وحبسه، والظلمة لا يجوز لهم الولاية من الأصل، وكما أن جواز التعزير بالمال يفتح الباب لهم بأكل أموال الناس، فكذلك جواز التعزير بالجلد والحبس يفتح الباب لهم بتعذيب الناس وحبس حرياتهم، ومع ذلك لم تمنعوه! فالكلام عن حكم هذه المسألة من حيث أصلها عند وجود الوالي العادل أما إن كان الوالي ظالمًا فللمسألة حكم آخر بناء على ما طرأ عليها.

الوجه الثاني: على فرض التسليم بجواز التعزير بالمال فإن العقوبة في الشريعة من باب الزواجر، بينما التعويض عن التأخير- على القول بجوازه- إنما هو من باب الجوابر، جبراً لصاحب الحق عما فاته من انتفاع، أو لحقه من ضرر بسبب المماطلة، والتعزير بالمال مورده لبيت المال، ومصرفه مصالح المسلمين، بخلاف التعويض فهو للمتضرر مقابل ما لحقه من ضرر مادي يمكن أن يقابل بمثله أو قيمته (٢).


(١) انظر: حكم التعزير بأخذ المال في الإسلام، لماجد أبو رخية، ضمن بحوث فقهية في قضايا اقتصادية معاصرة، لمحمد الأشقر وآخرين ١/ ٣٣٨ - ٣٤٠.
(٢) انظر: التعويض عن الضرر، لبوساق ص ٣٨، بيع التقسيط وأحكامه، للتركي ص ٣٢١، استيفاء الديون، للمزيد ص ١٧٦.

<<  <   >  >>