للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثاني: قول الله تعالى: ﴿وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ﴾ (١)

وجه الدلالة من الآية: أن الآية دلَّت على أن للدائن رأس ماله فقط، ولم تفرق بين مدين معسر ومدين مماطل، فالزيادة على رأس المال رباً، وإن كان المماطل ظالماً بمطله، فإنه لا يجوز رد الظلم بظلم آخر (٢).

نوقش: بأن الآية دليل للقائلين بجواز تعويض الدائن عما فاته من ربح، أو ما وقع عليه من خسائر؛ وذلك أن الزيادة الربوية الجاهلية لا تفرق بين مدين موسر ومدين معسر، أما التغريم فلا يطالب به إلا المدين الموسر المماطل، أما المدين المعسر فلا يطالب بذلك (٣).

أجيب: بأن نصوص تحريم أخذ الربا عامة لم تفرق بين المعسر والموسر، فكلاهما لا يجوز أخذ الربا منه (٤)، وأن التغريم إن كان لأجل جبر ضرر الدائن، فلا فرق بين أن يكون المدين موسراً أو معسراً؛ لأن المتضرر يستحق الجبر ولو كان المُضر معسراً، كما يستحق الأرش على الجاني ولو كان معسراً (٥).

الدليل الثالث: قول رسول الله : «لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ» (٦).

وجه الدلالة من الحديث: أن المطل كان موجوداً في عصر النبي ، ونص النبي أن المطل يحل عرض المماطل وعقوبته، ولم يقل: يحل ماله،


(١) سورة البقرة، الآيتين ٢٧٩ - ٢٨٠
(٢) انظر: دراسات في أصول المداينات، لنزيه حماد ص ٢٩٢
(٣) انظر: بحث في مطل الغني ظلم وأنه يحل عرضه وعقوبته، ضمن فتاوى وبحوث، للمنيع ٣/ ٢٥١، بحوث في قضايا فقهية معاصرة، للعثماني ص ٣٩.
(٤) انظر: توضيح أوجه اختلاف الأقوال في مسائل من معاملات الأموال، لابن بيه ص ١٣٣.
(٥) انظر: تعليق محمد زكي عبد البر على رأي الضرير، مجلة الملك عبد العزيز ٣/ ٦٢ عام ١٤١١ هـ، ص ٦٢
(٦) سبق تخريجه

<<  <   >  >>