للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الثاني: أن الزيادة الربوية مشروطة سلفاً برضا الطرفين، ومحددة لأجل تأخير مستقبلي، أما التعويض فهو لأجل رفع الظلم الواقع على الدائن، ولأجل تأخير ماضٍ وقع بغير رضا من الدائن (١).

يجاب عليه من وجهين: الوجه الأول: بعدم التسليم بأن الزيادة الربوية لا بد أن تكون مشروطة سلفًا فإن الربا المعروف في الجاهلية والذي نزل القرآن بتحريمه لم يكن مشروطًا سلفًا، بل كان بعد تأخر المدين بالسداد فيطلب منه الدائن إما أن يربي فيزيد في الأجل أو أن يوفي، وكون الزيادة معروفة سلفًا أو غير معروفة فإن هذا لا يغير الحكم بأنها ربا.

الوجه الثاني: على فرض التسليم بهذا التفريق فإن هذا التفريق نظري لا يصح أن يكون مناطاً للحكم، وعلى القول بجواز تغريم المدين المماطل يصبح الأمر معلوماً سلفاً بالعرف، والمعروف عرفاً كالمشروط شرطاً (٢)، إضافة إلى أنه من الناحية العملية فإن معظم عمليات المصارف الإسلامية تدور حول المرابحة المؤجلة، وتحقق الربح ونسبته في هذه العمليات معروفة لدى المصرف والعميل، فأصبحت نسبة التعويض معروفة مسبقاً لدى الفريقين عملاً (٣)، واعتبار المماطل ظالماً أمرٌ لا خلاف فيه، وهذا الظلم الواقع على الدائن، ليس موجباً لتعويضه مالياً (٤).


(١) انظر: حول جواز إلزام المدين المماطل بتعويض للدائن، للزرقا ص ١٩، بحوث في قضايا فقهية معاصرة، للعثماني ص ٣٩، فتاوى وبحوث، للمنيع ٣/ ٢٥٠.
(٢) انظر: المنثور في القواعد، للزركشي ٢/ ٣٦٢، شرح القواعد الفقهية، للزرقا، ص ٢٣٧، موسوعة القواعد الفقهية، للبورنو ٦/ ٣٣٧.
(٣) انظر: بحوث في قضايا فقهية معاصرة، للعثماني ص ٤٣، الاقتصاد الإسلامي والقضايا الفقهية المعاصرة، للسالوس ٢/ ٥٦٧، بيع التقسيط وأحكامه، لسليمان التركي ص ٣٣٧.
(٤) انظر: دراسات في أصول المداينات، لنزيه حماد ص ٢٩٠، بحوث في قضايا فقهية معاصرة، للعثماني ص ٤٢.

<<  <   >  >>