للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ (١)،

وقول الله تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولا﴾ (٢)،

وقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ﴾ (٣).

وجه الدلالة من الآيات: أن الله تعالى أمر بالوفاء بالعقود، وأداء الأمانة، والعدل، وأمر الله واجب الامتثال، ومن تجنب العدل كان ظالماً، والظالم إذا أدى ظلمه إلى إلحاق الضرر بغيره فهو مسؤول عن ذلك، ولا شك أن المدين المماطل ظالم، وقد حرم الدائن من الانتفاع بماله، مما يوجب مسؤوليته عن ذلك، فتغريمه غرامة مالية مقابل الضرر الذي لحق الدائن من العدل الذي أمر الله به (٤).

نوقش: بالتسليم بأن المدين المماطل ظالم، ومستحق للعقوبة، ومنشأ ظلمه إلحاقه الضرر بالدائن نتيجة تأخير الوفاء عن وقته بلا عذر، ولكن الأدلة دلت على الوفاء بالعقود، وأداء الأمانات، وأمرت بالعدل، ولا يوجد فيها دلالة على تغريم المدين المماطل غرامة مالية، وليس كل ضرر يلحقه الإنسان بغيره ظلماً يُعد موجباً للتعويض المالي (٥)

الدليل الثاني: عن أبي سعيد الخدري عن النبي أنه قال: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» (٦).


(١) سورة النساء، الآية ٥٨.
(٢) سورة الإسراء، الآية ٣٤.
(٣) سورة النحل، الآية ٩٠.
(٤) انظر: حول جواز إلزام المدين المماطل بتعويض للدائن، للزرقا ١٣ - ١٤.
(٥) انظر: الربا، للسعيدي ٢/ ١١٩٣، دراسات في أصول المداينات، لنزيه حماد ص ٢٩٠
(٦) رواه ابن ماجة، كتاب الأحكام، باب من بنى في حقه ما يضر بجاره برقم ٢٣٤٠، واللفظ له، والحديث ضعيف؛ فقد جاء عند ابن ماجه وأحمد من طريق جابر الجعفي عن عكرمة عن ابن عباس، وجابر الجعفي ترك الأئمة حديثة، واتهمه بعضهم بالكذب، وجاء الحديث عند ابن ماجة وأحمد أيضًا من طريق إسحاق بن يحيى بن الوليد عن عبادة بن الصامت، وإسحاق لم يدرك عبادة بن الصامت. وقال ابن عبد البر عن هذا الحديث: "إن هذا الحديث لا يستند من وجه صحيح" وقال ابن رجب: "وقال خالد بن سعد الأندلسي الحافظ: لم يصح حديث: «لَا ضَرَرَ ولَا ضِرَار» مسندا". انظر: تهذيب الكمال، للمزي ٢/ ٤٩٣، ٤/ ٤٦٥، ميزان الاعتدال، للذهبي ١/ ٢٠٤، ٣٨٠، تهذيب التهذيب، لابن حجر ١/ ٢٥٦، التمهيد، لابن عبد البر ٢٠/ ١٥٨، جامع العلوم والحكم، لابن رجب ٢/ ٢٠٨.

<<  <   >  >>