للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يجاب: بالتسليم بأن التعويض لا يكون عن تفويت انتفاع متوقع أو متوهم إذ لا عبرة بالتوهم، إنما يكون التعويض عن الخسائر التي كان سببها المباشر مماطلة المدين، وعدم وجود من حكم بذلك في التاريخ أو أفتى به-إن ثبت أنه لم يوجد من حكم بذلك أو أفتى به- ليس دليلًا على المنع.

الوجه الثاني: القول بإن "معاقبة المدين المماطل بغير التعويض المالي لا يفيد الدائن المتضرر شيئاً"، لا يعني جواز الحكم على المماطل بالغرامة؛ لأن هذه عقوبة، والعقوبات الشرعية ليس من شأنها الجبر، ووظيفتها تنحصر في الزجر، فإن السارق إذا قطعت يده لا تزيل عقوبتة الضرر عن المتضرر، ولكنها تزجر الناس عن الظلم، وتمنعهم من اقتراف الذنوب الموجبة لها درءا للمفسدة المتوقعة (١).

يجاب: بأن المماطل ارتكب معصية المطل التي يستحق عليها العقوبة، وكان متسببًا في وقوع خسائر على الدائن، فعليه أن يعوض الدائن عن هذه الخسائر ثم يعاقب على معصية المماطل، كما أن على السارق أن يعيد المال الذي سرقه لصاحبه ثم يعاقب بقطع يده، فالعقوبة على المطل والتعويض عن الخسائر، مع أنه لا يوجد ما يمنع في العقوبات التعزيرية التي ترتب عليه ضرر على أحد من المسلمين أن يجمع القاضي في العقوبة بين الجبر والزجر فهو أشد زجرًا وأوفى للحقوق.

الدليل الثالث: قول رسول الله : «لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ» (٢).

وجه الدلالة من الحديث: أن الحديث دلَّ على أن المماطل يستحق العقوبة، ومن أنواع العقوبة التعزير بالمال، وهي مشروعة كما قرر ذلك


(١) انظر: دراسات في أصول المداينات، لنزيه حماد ص ٢٩٢
(٢) سبق تخريجه

<<  <   >  >>