للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نوقش: بعدم التسليم بأن عدم تغريم المدين المماطل يستلزم منه مساواته بغيره، بل اعتبره النبي ظالماً، وأحل عقوبته بما يزجره من التشهير به، ومنعه من السفر، وضربه، وحبسه، وغيرها من العقوبات التعزيرية، وبهذا لا تكون مساواة بين المماطل والعادل المؤدي لحق غيره (١).

الدليل السابع: أن المطل في أداء الحق يشبه الغصب؛ وذلك أن التعدي على الديون يكون بحجبها عن صاحبها؛ لأن مقرها الذمم وليست أعياناً قائمة يتأتى فيها الغصب المادي، والمماطلة حجب للمال عن صاحبه فهي كالغصب للأعيان، فيلزمه بضمان منافع الدين كما يضمن الغاصب منافع العين المغصوبة مدة الغصب (٢).

نوقش من وجهين:

الوجه الأول: أن القائلين بضمان منافع العين المغصوبة على الغاصب يشترطون أن تكون المنفعة مما يصح أخذ العوض عنها، وذلك بأن يكون المغصوب من الأعيان التي يصح أن يرد عليها عقد الإجارة (٣). وهذا الشرط


(١) انظر: دراسات في أصول المداينات، لنزيه حماد ص ٢٩٢ - ٢٩٣.
(٢) انظر: جواز إلزام المدين المماطل بالتعويض للزرقا ص ١٧، والقائلون بضمان منافع المغصوب، هم الشافعية، والحنابلة. انظر: الحاوي، للماوردي ٧/ ١٦١، تحفة المحتاج، للهيتمي ٦/ ٢٩، المغني، لابن قدامة ٥/ ١٦٩، كشاف القناع، للبهوتي ٤/ ١١١
(٣) قال الشربيني: "وتضمن بأجرة المثل منفعة الدار والعبد ونحوهما من كل ما له منفعة يستأجر عليها كالكتاب والدابة والمسك بالتفويت، … أما ما لا يؤجر … فلا تضمن منفعته" مغني المحتاج ٣/ ٣٥٣ وقال ابن قدامة: "متى كان للمغصوب أجر، فعلى الغاصب أجر مثله مدة مقامه في يده سواء استوفى المنافع أو تركها تذهب، هذا هو المعروف في المذهب، نص عليه أحمد … وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: لا يضمن المنافع … والخلاف في ما له منافع تستباح بعقد الإجارة، كالعقار، والثياب، والدواب، ونحوها، فأما الغنم والشجر والطير ونحوها فلا شيء فيها؛ لأنه لا منافع لها يستحق عوض" المغني، لابن قدامة ٥/ ١٦٩.

<<  <   >  >>