للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غير متحقق في الأموال التي ماطل بها المدين إذا كانت من النقود وهو الغالب في هذا الزمن، لكون النقود أموالا لا تصح إجارتها بالإجماع (١).

الوجه الثاني: أن قياس تضمين المماطل منافع الدين الذي ماطل به، على تضمين الغاصب لمنافع العين المغصوبة قياس مع الفارق؛ وذلك أن قابلية النقود للربح بالاستثمار غير متحققة بصورة قطعية، فقد يتاجر بها فتربح أو تخسر، وهو أيضاً غير متقوم فقد يربح كثيراً وقد يربح قليلاً، وهذا بخلاف الأعيان المادية إذ يصح أخذ العوض عن منافعها بورود عقد الإجارة عليها، كما أن منافعها متقومة محققة لها أجرة المثل (٢).

الدليل الثامن: قياس جواز تغريم المدين المماطل بغرامة مالية على جواز بيع العربون (٣) بجامع تفويت الفرصة في كل منهما؛ وذلك أن التعويض عن منفعة العدول عن إتمام العقد مظنونة غير محققة، ومع هذا فقد اعتبر الضمان لتلك المنفعة المظنونة أمراً مشروعاً، فيقاس عليه جواز تغريم المدين المماطل مقابل ما فوته على الدائن من منافع ماله (٤).


(١) انظر: دراسات في أصول المداينات، لنزيه حماد ص ٢٨٧ - ٢٨٩. وانظر كلام الفقهاء في منع إجارة النقود: بدائع الصنائع، للكاساني ٤/ ١٧٥، المبسوط، للسرخسي ١٤/ ٤٩، منح الجليل، لعليش ٧/ ٤٩٣، المنتقى، للباجي ٥/ ١١٤، أسنى المطالب، للأنصاري ٢/ ٤٠٦، مغني المحتاج، للشربيني ٣/ ٤٤٥، كشاف القناع، للبهوتي ٣/ ٥٦١، شرح منتهى الإرادات، للبهوتي ٢/ ٢٤٩
(٢) انظر: تعليق زكي الدين شعبان على مقال الزرقا، مجلة جامعة الملك عبد العزيز - الاقتصاد الإسلامي- ١٤٠٠ هـ ١/ ٢٠٠، دراسات في أصول المداينات، لنزيه حماد ص ٢٨٨.
(٣) القائلون بجواز أخذ العربون هم الحنابلة، وهو من مفردات المذهب. انظر: المغني، لابن قدامة ٤/ ١٦٠، الإنصاف، للمرداوي ٤/ ٣٥٨، شرح منتهى الإرادات، للبهوتي ٢/ ٣٣
(٤) انظر: بحث في مطل الغني ظلم وإنه يحل عرضه وعقوبته، ضمن فتاوى وبحوث، للمنيع ٣/ ٢١٤ - ٢١٩.

<<  <   >  >>