للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تسبب للدائن في نفقات مالية إضافية بسبب مطله، فوجب عليه تحملها لكونه المتسبب له في ذلك، وهذا التعويض ليس عن منافع المال المحبوس الذي هو محل النزاع، ولذلك لو تأخر المماطل في دفع نفقات التحصيل، وتكاليف الشكاية لا يقال له: ادفع تعويضًا ماليًا لتأخرك (١).

يجاب: بأن هذا الفارق غير مؤثر؛ لأن حبس ما في الذمة إذا كان هو المتسبب المباشر في الخسائر التي حصلت فإن على المتسبب أن يغرمها، كما أن المماطل إذا تسبب في تكاليف الشكاية فإن عليه دفعها للدائن، فالغرامة بسبب إلحاقه الخسارة بغيره سواء كانت عن حبس ما في الذمة أو كانت تكاليف الشكاية، ولا يسلم أنه إن تأخر المماطل في دفع نفقات التحصيل، وتكاليف الشكاية أنه لا يدفع تعويضًا لتأخره، بل لو تأخر فيها وترتب على تأخره نفقات أخرى فإنه يطالب بالنفقات الأولى والأخرى.

الترجيح: بعد عرض الأقوال الواردة في هذه المسألة، وأدلة كل قول، ومناقشة ما يحتاج منها إلى مناقشة، يظهر لي والله أعلم أن القول الراجح هو القول الأول، القائل بعدم جواز تعويض الدائن عما فاته من ربح، أو وقع عليه من خسائر؛ لأن القول بجوازه يفتح أبواب الربا، وفيه أكل لأموال الناس بالباطل، إلا إن كانت هناك خسارة على الدائن وكانت المماطلة هي السبب المباشر في هذه الخسارة، كمن تعهد على نفسه بشرط جزائي بعلم المماطل وليس عنده إلا هذا المال الذي أعطاه للمماطل وتسبب المطل في وقوع الشرط الجزائي عليه؛ وذلك لأن المماطل هو المتسبب بهذه الخسارة، ويشترط أن يكون الحُكم بها عند القاضي كي يتم التثبت من كون هذا المطل هو السبب المباشر لهذه الخسارة، وكي يقدر الخسارة الفعلية، ولا يجوز أن يتولاها الدائن كي لا يفتح الباب للمرابين.


(١) انظر: المعاملات المالية، للدبيان ٥/ ٥١٢.

<<  <   >  >>