للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ضرر التأخر في سداد الديون لا يصح تحديده ابتداءً بالاتفاق (١)، ولا يلزم أن يكون الشرط الجزائي بمقدار الضرر الحقيقي، بل لهم أن يتفقوا على أي مبلغ ما لم يكن كثيراً عرفاً يظهر أن القصد منه التهديد المالي (٢).

أدلة القول الثالث:

أدلة أصحاب القول الثالث لا تخرج عن أدلة القول الثاني، إلا أنهم اشترطوا أن يكون التعويض عن ضرر الخسائر الواقعة فعلًا بسبب مماطلة المدين، وليس عن ضرر محتمل أو ربح متوقع أو محقق الوقوع، ويرد عليه من المناقشة والتوجيه ما ورد على أدلة أصحاب القول الثاني. واستدلوا بالقياس على تغريم المماطل تكاليف الشكاية، ونفقات التحصيل، إذا غرمه على الوجه المعتاد (٣)؛ بجامع أن كلًا منهما ضرر واقع حقيقة، وليس متوقعاً، أو مفترضاً ولو بغلبة ظن (٤).

نوقش: بأنه قياس مع الفارق؛ وذلك لأن تغريم نفقات التحصيل، وتكاليف الشكاية ليس تعويضا عن الضرر المالي لحبس ما في الذمة، وإنما لأن المماطل


(١) انظر: الخدمات الاستثمارية، للشبيلي ١/ ٦٤٣.
(٢) انظر: أبحاث هيئة كبار العلماء ١/ ٢١٤، الشروط التعويضية، لعياد العنزي ١/ ٢٥٩.
(٣) انظر: مواهب الجليل، للحطاب ٦/ ١١٣، شرح مختصر خليل، للخرشي ٥/ ٢٧٧، منح الجليل، لعليش ٦/ ٥١، الإنصاف، للمرداوي ٥/ ٢٠٤ - ٢٠٥، شرح منتهى الإرادات، للبهوتي ٢/ ١٥٧، كشاف القناع، للبهوتي ٣/ ٤١٩ قال ابن تيمية: "وإذا كان الذي عليه الحق قادرا على الوفاء ومطل صاحب الحق حقه حتى أحوجه إلى الشكاية، فما غرمه بسبب ذلك، فهو على الظالم المبطل، إذا كان غرمه على الوجه المعتاد " مجموع الفتاوى ٣٠/ ٢٤ - ٢٥، وقال ابن فرحون: " وإذا تبين أن المطلوب ألد بالمدعي، ودعاه الطالب إلى الارتفاع إلى القاضي فأبى، فيكون على المطلوب أجرة الرسول إليه، ولا يكون على الطالب من ذلك شيء" تبصرة الحكام ١/ ٣٧١
(٤) انظر: تعليق الدكتور زكي الدين شعبان على بحث الدكتور الزرقا في مجلة جامعة الملك عبد العزيز، عام ١٤٠٩ هـ ١/ ١٩٩، تعليق الدكتور محمد زكي عبد البر على رأي الضرير في مجلة جامعة الملك عبد العزيز ٣/ ٦١ عام ١٤١١ هـ، بيع التقسيط، للتركي ص ٣٢٢.

<<  <   >  >>