للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الحطاب (١): " إذا التزم أنه إن لم يوفه حقه في وقت كذا، فعليه كذا وكذا لفلان، أو صدقة للمساكين، فهذا محل الخلاف المعقود له هذا الباب، فالمشهور أنه لا يقضى به كما تقدم، وقال ابن دينار (٢): يقضى به" (٣).

أجيب: بأن ما نقل عن بعض المالكية من خلاف في القضاء بالوعد، فهو خاص بالوعد المعروف، بالالتزام قال الحطاب: "وأما الالتزام في عرف الفقهاء، فهو إلزام الشخص نفسه شيئاً من المعروف مطلقاً، أو معلقاً على شيء، … وقد يطلق في العرف على ما هو أخص من ذلك: وهو التزام المعروف بلفظ الالتزام، وهو الغالب في عرف الناس اليوم" (٤)، واشتراط تغريم المدين المماطل هنا إلزام من الدائن، وليس تبرعاً من المدين نفسه بالالتزام، فلا يصح تخريجه على التزام التبرع، ويدل لذلك: أن المدين لا يتولى صرفها بنفسه، بل يدفعها للدائن، والدائن يتولى صرفها للجهات الخيرية، فتبين كونها معاوضة عن المطل، وليست تبرعاً محضاً (٥).


(١) هو أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن المعروف بالحطاب، إمام المالكية في عصره، أصله من المغرب، ولد بمكة سنة ٩٠٢ هـ، وله مصنفات عديدة، منها: مواهب الجليل، وتحرير الكلام في مسائل الالتزام، توفي في طرابلس سنة ٩٥٤ هـ. انظر: شجرة النور الزكية، لابن مخلوف ص ٢٧٠، الأعلام، للزركلي ٧/ ٥٨.
(٢) هو الإمام عيسى بن دينار القرطبي، فقيه الأندلس ومفتيها، ارتحل ولزم ابن القاسم مدة، وكان صالحًا ورعًا، وكانت الفتيا تدور عليه بالأندلس، لا يتقدمه أحد، توفي سنة ٢١٢ هـ. انظر: سير أعلام النبلاء، للذهبي ١٠/ ٤٣٩، وفيات الأعيان، لابن خلكان ٥/ ١١٨، الأعلام، للزركلي ٥/ ١٠٢.
(٣) تحرير الكلام في مسائل الالتزام، للحطاب ص ١٧٦، وانظر: بحوث في قضايا فقهية معاصرة للعثماني ص ٤٥ - ٤٦، بحوث فقهية في قضايا اقتصادية معاصرة، لمحمد الأشقر وآخرين ٢/ ٨٧٩.
(٤) تحرير الكلام في مسائل الالتزام، للحطاب ص ٦٨.
(٥) انظر: المماطلة في الديون، للدخيل ص ٥١٤ - ٥١٥، الشروط التعويضية، لعياد العنزي ١/ ٢١٧.

<<  <   >  >>