للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُرد: بأنه إذا جاز إلزام المدين نفسه بذلك فإنه يجوز أن يكون مشروطًا في العقد، ولو كان هذا الالتزام يعد عندهم من الربا لما جاز للمدين أن يلزم نفسه بذلك؛ لأن أي زيادة مشروطة على الدين هي ربا سواء كانت برضا المدين أو بغير رضاه، وليس بالضرورة أن يستلمه منه الدائن بل يسلَّمه المدين للجهات الخيرية ويأخذ منهم كتابًا بأنه أدى ما التزم به.

أدلة القول الثاني:

الدليل الأول: قول رسول الله : «لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ» (١).

وجه الدلالة من الحديث: أن العقوبة في الحديث مطلقة، فيعاقب المدين المماطل بما يردعه عن مطله، إذا لم يكن هناك محذور شرعي من هذه العقوبة، ومعاقبة المدين المماطل بدفع غرامة مالية تدفع للجهات الخيرية، ليس فيها محذور شرعي بل فيها إحسان للفقراء والمساكين.

الدليل الثاني: أن الأصل في الشروط والعقود الإباحة إلا ما دل الدليل على منعه، واشتراط تغريم المماطل للجهات الخيرية، شرط صحيح يجب على المدين الوفاء به؛ لأن تلك الزيادة لا يأخذها الدائن، وتحفز المدين على الوفاء في الوقت المحدد، وتكون سبباً لاطمئنان الدائن على حقه، وفيها نفع للفقراء (٢).

نوقش الدليلان: بعدم التسليم بأن الشرط بأخذ غرامة مالية من المدين المماطل للجهات الخيرية ليس فيه محذور شرعي، وأنه لا دليل على منعه، بل إن هذه الزيادة ربا؛ لإن الدائن يأخذ زيادة على رأس ماله، وأخذ الزيادة على


(١) سبق تخريجه
(٢) انظر: بحوث فقهية في قضايا اقتصادية معاصرة، لمحمد الأشقر وآخرين ٢/ ٨٧٩.

<<  <   >  >>