للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهؤلاء هم المسلمون المتبعون للمسيح ، ومنهم الأريوسيّة أصحاب عبد الله بن أَرْيُوس.

فأما النسطورية والعقوبية وما تفرع عنهم من فرق كافرة؛ فكل فرقة من هؤلاء تكفر الأخرى وتعتقد تخليدهم في نار جهنم ولا ترى مجامعتهم في المعابد والكنائس، وكلهم يقول بالتثليث، ولكن بينهم اختلاف في الحلول والاتحاد فيما بين اللاهوت والناسوت هل تدرعه؟ أو حل فيه؟ أو اتحد به؟، واختلافهم في ذلك شديد وكفرهم بسببه غليظ (١).

وبعد رفع المسيح بثلاثمائة سنة اختلف البتاركة الأربعة وجميع الأساقفة والقساوسة والشمامسة والرهابين في المسيح على أقوال متعددة لا تنحصر ولا تنضبط واجتمعوا وتحاكموا إلى الملك قسطنطين -باني القسطنطينة- فلجؤوا للتصويت وقرروا عقيدة التثليث في مجمع نيقية سنة ٣٢٥ م (٢)، وصار الملك إلى قول أكثر فرقة اتفقت على


(١) في القرن الثاني الميلادي حصل انقسام بين النصارى في المرجعية؛ فصار هناك مرجعان: مرجع في القسطنطينية للأرثدوكس، ومرجع في الفاتيكان للكاثوليك. أما الكاثوليك في روما فقد تأثروا بالفلسفات الإغريقية التي لديها أن زيوس هو «أب الآلهة والبشر». يتزوج إنسيات وينجب منهن نصف إله ونصف بشر. وأما الأرثدوكس فيقولون إنه إله دائم، ويصفونه أنه عطشان، جائع، خائف، هارب، أخطأ، وقُتل. ثم إن الأرثدوكس في بيزنطة انشقوا عن الكاثوليك بعد مجمع خلقدونيا (من المجامع المسكونية ٤٥١ م) بسبب الإتاوات المالية ونهبها من الناس. وفي إنجلترا لما أراد هنري الثامن أن يطلق زوجته (آن) ورفض البابا، فانشق عن الكنيسة وأنشأ الكنيسة الإنجليكانية.
(٢) مجمع نيقية أول مجمع للكنيسة العالمية، و (نيقية) قريبة من إزمير بتركيا، وكانت المركز الصيفي للإمبراطور البيزنطي. ومما يروى في قصة مجمع نيقية أنه كان في القرن الرابع الميلادي اثنان من أكبر بطارقة النصارى؛ الأول: آريوس وهو مطران ليبيا، وكان يقول: إن عيسى إنسان ونبي. والثاني: أثناسيوس، كان مقرباً من الرومان ويلتمس ود الإمبراطور الروماني، وفي الديانة الرومانية عقيدة الثالثوث، وابن الإله، فقال: إن عيسى ابن الله. وقامت صراعات بين أتباعهما في عهد قسطنطين الوثني، الذي جمع القساوسة، في نيقية، وقال لهم: كل واحد يحضر إنجيله، ولكي نعرف الحق منها؛ ضعوها تحت الطاولة، ونسأل الرب أن يرينا الحق غداً، فوُضعت الأناجيل الكثيرة تحت الطاولة، ومنها: أناجيل متى ومرقص ولوقا، وهذه الثلاثة تسمى (كانونيكال canonical) وتشبه بعضها؛ لأنهم كان ينقلون من بعضهم البعض. ووضع أيضاً منها إنجيل يوحنا، هو الوحيد الذي كتبها بعدهم بحوالي خمسين سنة وكان أكثر تطرفاً. وفي الليل استدعى قسطنطين البطريق أثناسيوس وطلب منه أن يختار الأناجيل التي يريدها؛ فاختار الأناجيل الأربعة من بين جميع النسخ، ووضعها على الطاولة. وفي اليوم التالي أعلن الملك أن الرب اختار لهم هذه الأناجيل وأن عليهم أن يتبعوها ويحرقوا ما خالفها.

<<  <   >  >>