فاليهود ملعونون في الإنجيل عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ، وعند النصارى فإن أعظم جرائم اليهود ليست مجرد الكفر بالله وشتم المسيح واتهامه بالسحر والكذب وشتم أمه واتهامها في عرضها وقتل الأنبياء وإنكار التثليث وتضليل النصارى والوعد بقتلهم فقط؛ بل يرون أعظمها: قتل ربهم المسيح (كما يزعمون)!!! (وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ). وعلى مر التاريخ ظلت العداوة لا تنطفئ بين اليهود والنصارى، واستمرت الكنيسة البابوية التي مقرها روما في لعن وعداوة اليهود، وقامت حملات عارمة تزعمها البابا لتنظيف المجتمعات الأوروبية من اليهود، وفي القرن الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر استمرت حملات التنظيف؛ فنظفت بريطانيا وألمانيا وفرنسا وكثير من دول أوروبا من اليهود؛ لأنهم يرونهم أخطر خلق الله وأكثرهم شرّاً -وهم كذلك-. ومن جحيم أوروبا في عصور ظلماتها لجأ اليهود إلى كنف الأندلس وآواهم المسلمون، وبعدما احتل النصارى مدريد الإسلامية وشنوا حربهم الإبادية الشاملة على المسلمين في الأندلس شمل ذلك اليهود معهم؛ فلجئوا إلى الولايات التركية وخاصة اليونان. ثم لما ظهرت الحركة البروتستانتية النصرانية ابتهج اليهود بهذه الحركة ووجدوا فيها متنفساً لهم وفرصة للانتقام من البابا وأتباعه وضرب النصارى بعضهم ببعض؛ فسخروا مكرهم ودهاءهم وأموالهم لنشرها، والبروتستانت: هي الطائفة النصرانية التي تحتج على البابا - زعيم الكاثوليك - وتخرج عليه، وتؤمن بأن البشر لا يتوسطون بين الناس وبين الله، وقالوا: إن على كل إنسان أن يقرأ الكتاب المقدس مباشرة ويطبقه مباشرة، وترفض احتكار رجال الكهنوت لتعليم الدين وتفسير الإنجيل، وقد تأثروا في ذلك بالمسلمين إبان الحروب الصليبية؛ إذ رأوا أن المسلمين يتعاملون مع كتاب الله مباشرة، ولا يتوسط أحد بينهم وبين الله ﷾. والذي حدث في أوروبا أنه بعد ظهور هذه العقيدة بدأ الناس يرجعون إلى الأصول التوراتية اليهودية المحرفة، وقام مارتن لوثر صاحب حركة البروتستانت بترجمة التوراة المحرفة إلى اللغة الألمانية، وكذلك الإنجليزية، وقد انتشرت الحركة البروتستانتية أكثر ما انتشرت في ألمانيا وبريطانيا وآمن هؤلاء بحرفية الكتاب المقدس وعصمة التوراة المحرفة، وأن كل حرف في التوراة المحرفة هو حق من عند الله، فآمنوا به وبضرورة تحقيقه، وأعرضوا عن تفسيرات البابا بشأن اليهود. وقد خرج النصارى البروتوستانت من أوروبا بروح التدين التوراتي المحرف، فلما دخلوا أمريكا تفاءلوا بأن هذا خروج كخروج بني إسرائيل من التيه ودخولهم إلى الأرض المقدسة، وأخذوا يسمون المدن والمناطق في أمريكا بأسماء من التوراة المحرفة،