للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المانوية دينهم مركباً من دين النصارى والمجوس، وكان رأسهم ماني نصرانياً مجوسياً، فالنسب بين النصارى والمجوس، بل وسائر المشركين نسب معروف (١).

وما فعله به الكفار اليهود الذين صلبوه طاعة لله؟ أو معصية؟ فإن كان طاعة لله؛ استحق اليهود الذين صلبوه أن يثيبهم ويكرمهم على طاعته كما يثيب سائر المطيعين له. والنصارى متفقون على أن أولئك من أعظم الناس إثماً، وهم من شر الخلق.

وإن كان أولئك اليهود عصاة لله، فهل كان قادراً على منعهم من هذه المعصية، أم لا؟! فإن لم يكن قادراً؛ لم يكن قادراً على منع إبليس من ظلم الذرية في الزمن المستقبل. وإن كان قادراً على منعهم من المعاصي ولم يمنعهم؛ كان قادراً على منع إبليس بدون هذه الحيلة. وإذا كان حسناً منه تمكينهم من هذه المعصية؛ كان حسنًا منه تمكين إبليس من ظلم الذرية في الماضي والمستقبل، فلا حاجة إلى الحيلة عليه.

وزعمهم أن جميع بني آدم: من الأنبياء، والرسل، وغيرهم كانوا في الجحيم، في حبس الشيطان؛ لأجل أن أباهم آدم أكل من الشجرة، وأنهم إنما تخلصوا من ذلك لما صلب المسيح؛ فإن هذا الكلام لو نقله ناقل عن


(١) المانوية أو المنانية Manichaeism ديانة تنسب إلى مؤسسها "ماني بن فاتك الحكيم" وهو شخص عاش بعد عيسى في بلاد فارس، ونشأ نصرانياً، ثم تأثر بالديانات الوثنية المنتشرة في بلاد فارس والهند والصين، فأحدث ديناً بين المجوسية والنصرانية دعا الناس إليه، وكان يقول بنبوة المسيح ، ولا يقول بنبوة موسى ، وكانت ديانته قائمة على الاعتقاد بوجود إلهين، النور والظلمة، وأن الروح لا تنال السعادة وتنجو من قوة الظلام إلا بانفصالها عن الجسد، فكان يدعو إلى التسريع بفناء البشر، عن طريق ترك الزواج والزهد فيه، وغير ذلك من ضلالاته.

<<  <   >  >>