وفي ذلك أجمع بطلان شريعة إيمانكم، فاختاروا أي القولين شئتم، فإن فيه نقض الدين.
وإن كان المسيح من روح القدس، كما قال جبريل الملك لأمه مريم، فلم سميتموه كلمة الله وابنه، ولم تسموه روحه؟
ووجدناكم تذكرون في التسبيحة التي تقرأ بعقب كل قربان وفي الأخرى التي تقال في يوم الجمعة الثانية من «الفصح»: أن المسيح نزل من السماء، فأبطل بنزوله الموت والآثام. فأي خطيئة بطلت؟ وأي فتنة للشيطان انطفأت؟
فإن قلتم: إنكم استدللتم على ربوبيته بأنه أحيا الموتى، وأبرأ الأكمه والأبرص، ومشى على الماء، وصعد إلى السماء، وصير الماء خمراً، وكثر القليل؛ فيجب الآن أن ينظر إلى كل من فعل من هذه الأمور فعلاً؛ فنجعله رباً وإلهاً، وإلا فما الفرق؟!
فمن ذلك أن كتاب «سفر الملوك» يخبر أن إلياس أحيا ابن الأرملة، وأن اليسع أحيا ابن الإسرائيلية، وأن حزقيال أحيا بشراً كثيراً، ولم يكن أحد ممن ذكرنا بإحيائه الموتى إلهاً.
وأما إبراء الأكمه فهذه التوراة تخبر أن يوسف أبرأ عين أبيه يعقوب بعد أن ذهبت، وهذا موسى طرح العصا فصارت حية لها عينان تبصر بهما، وضرب بها الرمل فصار قملًا، لكل واحدة منها عينان تبصر بهما، ولم يكن واحد منهم بذلك إلهاً.