وقال: فوجدنا اليعقوبية قد صرحوا بأن مريم ولدت الله تعالى عما يصفه المبطلون. وأنه تألم، وصلب، ومات، وقام بعد ثلاثة أيام من بين الموتى. وهذا الكفر الذي تشهد به عليهم سائر ملل النصارى وغيرهم.
ووجدنا الملكانية قد حادوا عن هذا التصريح إلى ما هو دونه في الظاهر! فهل وقعت الولادة والموت وسائر الأفعال التي تحكي النصارى أنها فعلت بالمسيح إلا عليهما؟! فكيف يصح -لذي عقل- عبادة مولود من امرأة بشرية قد مات ونالته العلل والآفات؟!
وأما قولهم: إن مريم ولدت المسيح بناسوته. فهذه أغلوطة، وإلا فكيف يولد ولد متحد بشيء آخر مجامع له دون ذلك الشيء؟ وكيف يكون ذاك وهم يقولون: إنه لم يفارقه قط؟ وهل يصح هذا عند أهل النظر؟!!
أوليس الحكم عند كل ناظر، ومن كل ذي عقل يوجب أن تكون الولادة واقعة على اللاهوت والناسوت معا؟! بمعنى الاتحاد وبمعنى الاسم الجامع للاهوت والناسوت وهو المسيح. وكذلك الحمل بهما جميعاً! وأن يكون البطن قد حواهما!!
وشريعة إيمانهم (الأمانة) -التي ألفها لهم رؤساؤهم من البطاركة، والمطارنة، والأساقفة، والأحبار ويصفون أنهم نطقوا بها بروح القدس، وأنه لا يتم لهم قربان إلا بها- قد اعترفوا فيها جميعاً بأن الرب المسيح الإله الحق من الإله الحق نزل من السماء، وتجسد من روح القدس، وصار إنساناً، وحُبِل به، وَوُلد من مريم البتول، وتألم، وصُلب!!
فإنكم إن قلتم: إن المقتول المصلوب هو الله، فمريم على قولكم ولدت الله، سبحانه وتعالى عما يقولون!!