ويلاحظ هنا أن الهنود يفصلون الجسد عن الروح، ويجعلون كلًّا منهما مستقلًّا عن الآخر، وفي نفس الوقت يحملون كلًّا منهما ما يرتكبه الآخر من أوزار؛ فالروح تتقمص جسدًا تشقيه إذا ارتكب إثمًا، والجسد إذا أثم يجعل الروح آثمة معه، وهم بذلك يترددون بين مذهب الجبر، ومذهب الاختيار، وفي إطار الإيمان بتناسخ الأرواح يظهر لنا إيمان الهنود بأمور ثلاثة:
أ- تجوال الروح وهو يعني تنقل الروح من جسد إلى جسد.
ب- وحدة الوجود وهو يعني أن الكون كله منبثق عن الله وما الكون كله إلا مظهر لله.
ج-الانطلاق وهو يعني عودة الروح إلى بارئها الأعلى ولامتزاجها في حقيقتها الأصلية.
ويدافع بعض فلاسفة الهنود المعاصرين عن الإيمان بهذه الجوانب المتصلة بالروح؛ حيث يرى في الوحدة الروحية دافعًا للمحبة الاجتماعية؛ فحين نفهم أننا كأغصانِ شجرةٍ واحدة توجد عواطف التضامن والتعاون والمحبة، إن من يرى جميع المخلوقات في الوجود الواحد.
ويرى الموجود الواحد في جميع المخلوقات لا يكره أحدًا، ويتحرر من الوهم ومن الألم إلى الأبد والأديان السماوية ترى أن الروح من الله، وأن لها دورها الكبير مع الجسد، وأنها لا تموت مع الجسد، وهي في هذا تتفق مع العقيدة الهندوسية، لكنها تختلف عنها في أن لكل كائنٍ مخلوق روحه الخاصة به، ولا تناسخ بين الأرواح، وأن الآخرة هي دار الجزاء الحقيقي وأن النعيم والعذاب يلحق بالجسد والروح.