ونعود إلى ذوبان الجنس الآري، الذي اقتبسنا الحديث عنه آنفًا من "غوستاف لوبون"؛ لنقرر أنّ هذا الذوبان بدأ عندما أندفع بعض الآريين عن طريق ممر "دلها" الذي يَفصل بين الصحراء الغربية، وبين فروع نهر "الكينج" وفي المهجر الجديد تخلى الآريون عن كثير من خصالهم وتقاليدهم، وتبنوا كثيرًا من أخلاق الهنود، وطرق حياتهم؛ فتوقفوا عن الذبح وأكل اللحوم، إلا فيما يتعلق بالقرابين.
وفقدت المرأة حياة الحرية والطلاقة، التي كانت تحياها في المجتمع الآري، وتوارى كثير من الآلهة التي كانت موضع تقديس في كشمير؛ حيث المهجر الأول للآريين بالهند، واستمر هذا الذوبان ينتشر حتى تم اندماج الآريين في الهند.
ومن العوامل الواضحة الأثر على سكان الهند جميعًا شدة الحرارة؛ ففي ما عدا جبال الهمالايا التي تكسوها الثلوج نجد درجة الحرارة في الهند شديدة طول العام تقريبًا، ويرى "ويش" أنّ شِدّة الحَرارة كان لها أثر في السكان؛ فقد تسبب عنها عزوفهم عن العمل، وسرعة التعب إذا عملوا كما تسبب عنها نقص في القدرة على الابتكار، وفي الكفاية والنشاط على العموم.
أما الناحية الرُّوحية؛ فتمتاز الهند بنصيب كبير فيها، ولكن ليس معنى هذا أن عامة الهنود على شيء من الصفاء الروحي، فإنه ليس في بلاد العالم كلها بلد تنمو فيه الخرافة وتزدهر كما تنمو في الهند، ولكن ذلك لا يقلل من نشاط الاتجاه الروحي في الهند؛ لأنّ الظروف الملائمة للخرافة والبدع، هي نفسها خير الظروف لصفاء النفس، فالاتجاه الروحي إذا سما اخذ وجهته نحو الفكر والعمق، وإذا كان ضحلًا أو مضطربًا أخذ طريقه نحو الخرافة.