رأينا فيما سبق اختلاف عناصر السكان، واختلاف ألوانهم، ولكن اللغات في الهند كانت أكثر اختلافًا، وأكثر عددًا، وكانت الحياة القبلية المنتشرة بالهند، من أهم أسباب كثرة اللغات؛ فقد كانت كل قبيلة تكاد تكون مستقلة، تَعزِلُها الجِبَالُ أو الغَاباتُ أو الأنهار عن سواها من القبائل، ولها لغة خاصة بها، لا يعرفها سواها من القبائل أيضًا، وعلى هذا بلغت اللغات في الهند نحو مائتين وأربعين لغة، وثلاثمائة لهجة إذا صح ما يقوله "غوستاف لوبون" بالإضافة إلى الفَارسية التي كانت لغة رسمية للقصور، والمجتمعات الراقية في الهندوستان، والبهلوية وهي لغة المجوس.
وعلى هذا لم يكن من الممكن التّفاهم بين سُكّان المناطق المختلفة، وهذا مهد الطريق للغة الإنجليزية؛ لِتكون لغة عامة، بجوار هذه اللغات المحلية، وهناك لغة أخرى تكونت في القرن الخامس عشر الميلادي، وهي اللغة الهندوستانية وأصلها آري، ثم دخلت عليها كلمات كثيرة من اللغات الفارسية، والعربية، والهندية، والتركية، وتسمى آلان:"اللغة الأردية" نسبة إلى الأردو وهو المعسكر إذ كانت لغة معسكرات المغول أولًا.
وانتشرت هذه اللغة بين المسلمين وغير المسلمين، وشجعها الملوك والسلاطين؛ حتى ضارعت اللغة الإنجليزية في عمومها وانتشارها، وأصبحت لغة رسمية بجوار الإنجليزية، ولما تم تقسيم الهند إلى دولتي الهند والباكستان، اعتبرت هذه اللغة لغة إسلامية في نظر كثير من الولايات الهندية؛ فاحتضنتها الباكستان، وترعرعت هذه اللغة في الدولة الإسلامية الكبرى.