ويروى أن أهل الجزيرة أرسلوا بعثة إلى الهند لتعلم البوذية، وأن أسوكا أرسل مع إحدى بعثاته إلى سيلان فسيلة لشجرة المعرفة التي نال بوذا تحت ظلالها المعرفة، والبصيرة، وغرست هذه الفسيلة، ففي سيلان وبمرور الزمن أصبحت دوحة عظيمة، ولا تزال باقية إلى الآن، وهي أقدم شجرة على الأرض، وأقام أسوكا المسلات في عدة أمكنة حيث دون عليها تعاليم البوذية، وأنذر من يميلون للعصيان، ووعد البررة بالهبات والخيرات، وتنازل أسوكا عن ممتلكاته، ولم يستبقِ إلا ثمانية أشياء ضئيلة هي أرضية ثلاثة صفراء، ونطاق يشدها به، وإبرة لترقيع الأرضيات ومجموعة خيوط للترقيع، وموسى لحلق شعره، وغربال لتصفية الماء قبل شربه حتى لا يبلع نفسًا.
وندب أسوكا رجالًا يتجولون في البلاد يرغبون الناس في النسك والورع ويعلمونهم مكارم الأخلاق، وحثهم أن يكونوا قدوة للناس ليسهل على الناس الاقتداء بهم فيجارونه في سيرتهم الرشيدة، وصبرهم على الشدائد، وعهد إليهم كذلك النظر في الأعمال الخيرية، وإدارة شئونها ليزيد نفعها، وخولهم بعض السلطة؛ فكان لهم مطلق سراح المسجونين إذا اقتنعوا ببراءتهم.
وكانوا يراقبون الناس ليتحققوا أنهم يلتزمون سبل السلام، ويحترمون القانون، ويراعون حق الفقراء والأكابر، ومات أسوكا، وقد انتشرت البوذية في الهند، وفي البلاد المجاورة لها، ولكن البوذية في الهند عادت بعد قليل تصارع الهندوسية، كما فعلت من قبل، ولم تستطع البوذية أن تثبت في هذا الصراع؛ فالهندوسية كانت أثبت، وأكثر صلة باتجاهات السكان وميولهم، فاضمحلت البوذية أمامها، وأخذت تنحدر حتى انحصرت على الهند تقريبا.