ويؤكد تلك الحقيقة المرتكزة على العمل لا غير قوله سبحانه:{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}(النحل: ٩٧). ومن ثم لم تكن المرأة أصل الشر والخطيئة لذاتها، بل إذا انحرفت كانت سببًا في الخطيئة لانحرافها لا لشيء آخر {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ}(التحريم: ١٠)، لكن عند عدم الانحراف يتنافس كل من الرجل والمرأة في مرضات رب العالمين، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
الأمر الذي يؤكَِّد أن زعم القائلين بأن المرأة هي أصل الشر والخطيئة، وبالتالي لزم الأمر منها بالتبتل، فيكشفه لنا وول ديورانت الذي يفسر عداوة الرهبان للمرأة بأنه يرجع إلى ضعفهم أمام مفاتن المرأة؛ حيث يقول:"وكانت الفضيلة تبدو لبعض الرهبان بأنها صراع نفساني بين المرأة والمسيح، ولم يكن تشهيرهم بالنساء إلا جهودًا يبذلونها لإماتة شعورهم بمفاتنهن، كما كانت أحلامهم الصالحة التقية في بعض الأحيان يرطبها ضباب الشهوة" ثم يستطرد قائلًا "ولقد استخف الرهبان وهم يقسمون بأن يبقوا عذابًا بقوة الغريزة الجنسية التي يستثيرها مرارًا وتكرارًا ما يشاهدونه من مناظر، وأمثلة من غير رجال الدين".
ومن هنا أصبح الرهبان تحت تأثير وحكم الغريزة التي تحاول الظهور كلما أمكنها ذلك، فغدت غرائزهم أقوى من إيمانهم، حتى إن رئيس الدير إفشام لم يكن أحد بمنجاة من فجوره. وكانت قصائد الحب متداولة بين الرهبان، وكانت