التماثيل المقامة في بعض الكنائس الكبرى والنقوش المحفورة في أثاثها، بل الرسوم المصورة في بعض الكتب المقدسة نفسها تُمثل عبث الرهبان والراهبات، تمثل خنازير في ثياب الرهبان، وأثواب الدير بارزة فوق أعضاء التذكير المنتصبة، والراهبات يعشن مع الشياطين.
ولكن رجال الدين في هذه الأيام رأوا من الخير إزالة الكثرة الغالبة من هذه الرسوم، ثم يعتذر ول ديورانت عن هذا الفجور قائلًا "وقامت طائفة متتابعة من المصلحين الدينيين ببذل ما في وسعها من الجهد، لكي تعيد الرهبان ورؤساء الأديرة إلى المُثل العليا التي جاء بها المسيح". قصة الحضارة، المجلد الثامن، الجزء السادس عشر، الصفحة مائة وواحد وثمانين.
وأنَّى لهم ذلك، وهم يسيرون ضد فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله، وهم يبغونها عوجًا بتبديلها، والله غالب على أمره، فإذا أراد الفكر الرهباني أن يرد جماح غلو الرهبان والراهبات إلى المثل العليا حقًّا فليصغوا إلى ما جاء به الإسلام الذي يعترف بالإنسان، وكونه كلًّا ولا يتجزأ، فيأخذه بمنهج الوسط فلا إفراط ولا تفريط، فلا يحرم الرغبة ولكنه ينظمها، ويسعى دائمًا إلى التوازن بين أهداف الحياة، وضرورات ونوازع الفرد، فهو يوازن بين مطالب جسده وروحه؛ لأنهما جزآن من كيان واحد، وعليه فإن التدين الحق في الإسلام ليس هو التخلص من الرغبات والشهوات، وليس هو التقشف بالكف عن اللذات، وليس هو في تحريم ما أحل الله، فالتبتل بهذا المعنى في الفكرين البوذي والنصراني، يصطدم مع منهج الله في الحياة.