السني الأخيرة بحكم الملك أردشير، فقد أبحرت إلى بلد الهنود، وبشرت بينهم بأمل الحياة، واخترت هناك نخبة جيده.
لقد ذهب ماني إلى الهند بسفينته كما ذهب الرسول توماس من قبل، وهو حين فعل ذلك كان كما هو مرجح مطلع على حكاية هذا الرسول، ولربما هي أوحت له القيام برحلته، ومن المحتمل أن رحلته لم تذهب به أبعد من إقليمي مكران وطوران الفارسيين، إضافة إلى المناطق الشمالية الغربية من الهند، وقندهار أي: إلى المناطق المتألفة منها باكستان، فقد كانت الأقاليم الشمالية الغربية واقعة منذ ذلك الحين أي: في حوالي سنة مائة وثلاثين قبل الميلاد تحت النفوذ الفارسي الشديد، بشكل أدق من النفوذ الفرثي، ففي هذه المناطق ربما كان ماني قادرًا على الأقل من الأوساط العليا على جعل نفسه مفهومًا بالتعبير عما كان يريده بلغته الفرثية الأم.
ومع أن هذه المناطق لانتشار المسيحية إلى حكم الأسرة المعروفة باسم الأسرة السيزية، فإن عددًا من الأمراء الفرثيين كانوا يحكمون هناك منذ أمد بعيد، وكان من بينهم الملك هندوفار الوارد ذكره في أعمال القديس توماس ويعتبر أنشياكا الرجل الأوسع شهرة بين أفراد الأسرة السيزية الهندية، فهو معروف في التاريخ على أنه كان المحامي الأعظم عن البوذية. ومن المحقق أن البوذية كانت قوية في الأجزاء الشمالية الغربية من الهند، مع أقاليم فارس الشرقية، وذلك منذ أزمان سحيقة، ونتيجة لهذا لا بد أن لماني قد احتكَّ عن قرب بعالم هذا الدين الذي كان ما يزال آنذاك مليئًا بالنشاط والحيوية التبشيرية، ولقد كان للبوذية أعمق الآثار عليه، ويمكن رؤية ذلك بوضوح، وبشكل خاص في تنظيمه لكنيسته، وفي الأساليب التي اعتمدها للتبشير لعقيدته بين العامة من