للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المحلية في كل مكان؛ لتقديم حمايتها للدين الجديد"، ويقص علينا في سيرته قائلًا "مثلت أمام الملك شابور، واستقبلني بحفاوة كبيرة، ووافق على أن أتجول في بلاده، وأن أبشر برسالة الحياة، وأمضيت كذلك أعوامنا معه بين حاشيته".

وبروي ذكرياته عن مقابلته الأخيرة الحاسمة مع الملك العظيم قائلًا "كان الملك شابور قلقًا عليَّ فكتب رسائل توصية ودفاع عني إلى جميع أشخاص البارزين بالعبارات التالية: ساعدوه ودافعوا عنه، حيث لا يخالفه أحد أو يعتدي عليه". وقد أكد صحة هذا القول لسكندر ليكوبولوس وهو من فلاسفة أفلاطونية المحدثة، فأوضح في الرد على المانوية أن ماني قد عاش في أيام الإمبراطور فليبيان، ورافق الإمبراطور الفارسي شابور في حملته، ثم قال بعبارة واحدة: "وقاتل إلى جانبه"، وهكذا نعلم أن مؤسس الدين قد أمضى عددًا من السنوات بين أتباع الإمبراطور، ويدل معنى كلمة كوموشونج التي استخدمها الاسكندر أن ماني قد انتسب لأسرة الملك، وكان واحدًا من الأتباع الملكيين، ولهذا دلالاته، وعلاقاته بالنظام الإقطاعي، ويعني الوجود رباط خاص للطاعة والإخلاص بين ماني وشابور، وبهذه الأهلية ذهب ماني مع سيده المرتبط به، ورافقه ضمن أتباعه في حملته العسكرية، وحققت الحملة لشابور نجاحات عسكرية وسياسية باهرة، وبدا الأمر في عام مائتين وستين من الميلاد كما لو أن شابور سيعيد تأسيس الحكم ال أخميني في آسيا الصغرى.

ويفسر هذا كيف أن كرتير كزموبوذان الديانة الزرا د شتية في بلاطه قد حصل على سلطات مطلقة من الملك العظيم، كما سجلها في نقوشه؛ ليعيد من جديد تأسيس الدين الإيراني مع هياكل ناره في الأقاليم المحتلة لآسيا الصغرى؛ حيث كان قد سبق لطبق استقراطية إقطاعية إيرانية الاستقرار هناك منذ عدة قرون،

<<  <   >  >>