أخذه اليهود ثم المسيحيون من بعدهم، وعرفوه تحت اسم الشيطان، وهكذا نشأت عقيدة زرادشت، من الصراع القائم في الحياة عينها، ولذا أصبحت قوة هائلة".
والناظر إلى هذا القول، يظهر له بوضوح أن الزرادشتية، عقيدة جاء بها صاحبها من النظر إلى الحياة، التي أوحت له بعناصرها، ولكن هذا النظر إلى هذه العقيدة، تدحضه النصوص التي تصور زرادشت على أنه نبي، وهي النصوص التي يرجحون أصالتها، وقد ورد في الجاثات قوله: "إلى أي أرض أفر وإلى أي اتجاه يكون المهرب، إلى النبلاء والسادة وإن يقاطعونني، أم إلى الناس وهم غير راضين عني، أم إلى حكام الأرض الخونة، كيف أبلغ رضاك يا أهورا مازدا، أنا أعرف لماذا لا يصيبني النجاح، لأن عندي قطيعا صغيرا، ولذلك فعندي ناس قليلون، أجأر إليك أن ترعاه يا أهورا، مانحا إياي عونا يعطيه صديق لصديق، وعلمني بالحق كيف أحظى بالفكر الخير".
فهو في هذا النص يشكو، ولا يوجه شكواه إلا لربه، ونجده في نص آخر يشير إلى نفسه، بما يفهم منه أنه نبي ينزل عليه الوحي، فقال: "عرفت أنك الإله الواحد يا مازدا أهورا، عندما جاء إلي الفكر الخير، وسألني: من أنت ومن لك، وبأي آية تعين أيام الحساب بيني وبينك؟ فعندئذ قلت له: أولا أنا زرادشت، المبغض الحقيقي بأقصى ما لدي من قوة للرجل الفاسد، والسند القوي للصالح، وبذلك أنال الأشياء الآجلة في المملكة غير المتناهية، بثنائي وترتيلي لك يا مازدا، عرفت أنك الواحد الإله مازدا أهورا، عندما جاء إلي الفكر الخير، بهذا السؤال: لأي الأشياء ستتجه عزائمك؟ عنده أجبته: في كل تقديم تبجيل لنارك، وكلما كانت في قوة فتأملت في الحق، فأرني إذا الحق الذي أناديه".