الفكر الخير السماوي، تنزل إلينا الحماية بقدرته الرحيمة، قل لي على التحقيق وأبلغني يقينا، فأنا أتوسل أيها الملك المقدس، عندما تنبلج أسمى الحياة عند مدخل مملكتك، هل من مقدرات الحكمة السماوية، إعطاء كل امرئ حقه، حقا إنه هو النبي المرسل، الذي توضع لروحه الساهرة كل خطايا البشر، ومع ذلك فدأبه كصديق، تحيا عوالم الحياة من جديد"، وهنا نجد الزرادشتية تعترف بيوم الحساب، إلا أنها تجعل في يدي نبيها، تقرير المصير لأخطاء البشر، وغير واضح إن كان هذا يتأتى عن طريق الشفاعة، فهو حق مقرر لنبي الزرادشتية كما يعلنه هذا النص.
ويخط ئ بولكيه في تشبيه هذه العقيدة بالعقيدة الإسلامية عن الشفاعة، التي تجعل مصير خطيئة الإنسان في يد الله، وهو سبحانه الذي يقرر الحكم فيها أولا وأخيرا، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فالشفاعة في الإسلام مقصورة على المسلمين وحدهم، لا على البشر كافة كما هي في النص الزرادشتي، هذه الفكرة الدينية فكرة الشفاعة، لا تنسب إلا لرسول، وهذه الرسالة تقررها الياسنا الحادية والثلاثون، في قولها: "العبادة للحق ولمازدا، أو لأي من الآلهة يكون هناك، القدر والواجب يحثانني أيها الفكر الخير، فالتمس لي كل قوة الله حربا على الفساد حتى ينال النصر".
وبهذا تبدو الديانة سماوية وبشرية في آن واحد، سماوية بشر بها نبي هو زرادشت، وبشرية لما نالها من التحريف، الذي شوه بعض معالمها وأساء إليها، لأنها ظلت قرونا طويلة، تنتقل من جيل إلى جيل بالرواية الشفوية، حتى دونت آخر الأمر، بعد أن عمل فيها الخيال وما ألف الناس، حقا إن هذه العقيدة وجدت لها نصيرا، في أوائل القرن الثالث الميلادي، بعد أن قامت الدولة الساسانية في إيران،