رجال الدين، فيقومون لها خمس مرات في اليوم، وقودا من خشب ومشتملا على أعشاب ومواد عطرية، فيمتلئ الهيكل بعرفها الطيب وريحها الزكي، وترتل حولها الأدعية وتقام لها الصلوات، فانتهى الأمر في الزرادشتية، إلى تقديس وعبادة النار، والاعتقاد بأنها ابنة الإله أهورا مازدا، ولذلك فلا يمكن أن يخلو بيت من بيوت الزرادشتيين الآن، من موقد النار رمز الإله وابنة الإله في آن واحد، وكان يشارك النار في التقديس، ثلاثة عناصر أخرى من عناصر أرضية، وهي التراب والهواء والماء، وإن كانت في مستوى أقل من مستوى النار.
ورغم هذا يقول الزرادشتيون: إنهم يقدسون النار ولا يعبدونها، ومن أجل ذلك تحملوا تلك المهمة، وحافظوا على إشعال النار وإحراقها في المعابد، وكانوا يأتون الهيكل خمس مرات في اليوم، ليقدموا للنار وقودا من خشب الصندل وغيره، ولكن ما ورد في أدعيتهم وتراتيلهم، من خلال نظراتهم إلى النار يكذب هذا الادعاء، ويترتب القول بأن الزرادشتيين يتوجهون بالعبادة للنار، وقد بالغ الزرادشتيون في تقديس نار الهيكل، فأوجبوا على رجل الدين أن يتلثم عند اقترابه من النار، خشية أن يصل زفيره إليها فيلوثها، وكان عليه أن يتذكر حين يدنو منه هذه القوة الأرضية، أن هذا النور الفياض إنما يرمز إلى الإله أهورا مازدا، وهكذا قدس الزرادشتيون النار والشمس، وبقية العناصر الأربعة: التراب والهواء والماء، وقدسوا كذلك الثور والكلب.
يقول صاحب كتاب (الديانة الزرادشتية): "إن احترام النور يحتل مكانا قدسيا مرموقا في الديانة الزرادشتية، لاعتقادهم أن الإله أهورا مازدا قد خلق النور والإنسان في آن احد، وقدسوا كذلك الكلب، فالكلب في الديانة الزرادشتية له أكرم منزلة، أما عن بقية المقدسات، فالزرادشتيون ينظرون إلى الماء والتراب والهواء والنار نظرة تقديس".