ولكن الأرواح التي تحف بالعرش، هي التي تحمل بذرته إلى رحم عذراء، تلهمها تلك الأرواح أن تتطهر في تلك الساعة بالماء المقدس، في عين صافية مدخرة في ناحية الأرض ليومها الموعود.
ويتخيل زرادشت أنه يناجي هرمز ويسمع جوابه، ويسأله سؤال المتعلم المسترشد لمرشده وهاديه، فيناديه:"ربي هب لي عونك، كما يعين الصديق أخلص صديق، ويسأله ربي ألا تنبئني عن جزاء الأخيار، أيجزون يا ربي بالحسنة قبل يوم المعاد، أو يسأله من أقر الأرض فاستقرت، ورفع السماء فلا تسقط، ومن خلق الماء والزرع، ومن ألجم للرياح سحب الفضاء وهي أسرع الأشياء"، ولا يبعد أن يكون من أصحاب الطبائع، التي تغيب عن الوعي أو تسمع في حالة وعيها، أصواتا خفية من هاتف ظاهر أو محجوب، كما روي عن سقراط وأمثاله من الموهوبين والملهمين.
ورواية الخليقة في مذهب زرادشت، أن هرمز خلق الدنيا في ستة أدوار، فبدأ بخلق السماء ثم خلق الماء ثم خلق الأرض ثم خلق النبات ثم خلق الحيوان ثم خلق الإنسان، وأصل الإنسان رجل يسمى كيمورث، قتل في فتنة الخير والشر، فنبت من دمه ذكر يسمى ميشا وأنثى تسمى ميشانة، فتزاوجا وتناسلا، وساغ من أجل ذلك عند المجوس زواج الأخوين.
ويفرق المجوس بين الخلائق جريا على مذهبهم، في اشتراك الخلق بين خالق الطيبات وخالق الخبائث، أو بين إله النور وإله الظلام، فالأحياء النافعة من خلق أرمز، كالثور والكلب والطير البريء، والأحياء الضارة من خلق أهرمن، كالحية وما شابهها من الحشرات والهوام، والناس محاسبون على ما يعملون، فكل ما صنعوه من خير أو شر، فهو مكتوب في سجل محفوظ، وتوزن أعمالهم بعد