عن مواضع أهرمن، وبين أن يلبسهم الأجساد فيحاربوا أهرمن، فاختاروا لبس الأجساد ومحاربة أهرمن، على أن يكون لهم النصر من عند النور، والظفرة بجنود أهرمن وحسن العاقبة، وعند الظفر به وإهلاك جنوده يكون الغاية، فذاك سبب الامتزاج وذاك سبب الخلاص.
إلى أن قال عن الزرادشتية: زعموا أن الله -عز وجل- خلق في وقت ما، في الصحف الأولى والكتاب الأعلى من ملكوته خلقا روحانيا، فلما مضت ثلاثة آلاف سنة، أنفذ مشيئته في صورة من نور متلألئ على تركيب صورة الإنسان، وأحف به سبعين من الملائكة المكرمين، وخلق الشمس والقمر والكواكب والأرض، وبني آدم غير متحرك ثلاثة آلاف سنة، ثم جعل روح زرادشت في شجرة أنشأها في أعلى عليين، وغرسها في قلة جبل من جبال أذربيجان يعرف بأسمويتدور، ثم مازج شبح زرادشت بلبن بقرة، فشربه أبو زرادشت فصار نطفة ثم مضغة في رحم أمه، فقصدها الشيطان وغيرها، فسمعت أمه نداء من السماء، فيه دلالات على برئها فبرئت.
ثم لما ولد زرادشت ضحك ضحكة تبينها من حضر، واحتالوا على زرادشت حتى وضعوه، بين مدرجة البقر ومدرجة الخيل ومدرجة الذئب، وكان ينتهض كل واحد منهم بحمايته من جنسه، ونشأ بعد ذلك إلى أن بلغ ثلاثين سنة، فبعثه الله نبيا ورسولا إلى الخلق، فدعا كشتاسف الملك فأجابه إلى دينه، وكان دينه عبادة الله والكفر بالشيطان، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجتناب الخبائث، وقال: النور والظلمة أصلان متضادان، وكذلك يزدان وأهرمن وهما مبدأ موجودات العالم، وحصل التراكيب من امتزاجهما، وحدثت الصور من التراكيب المختلفة، والباري تعالى خالق النور والظلمة ومبدعهما، وهو واحد لا