وجعلوا الامتزاج مبدأ والخلاص معادا، إلا أن المجوس الأصليين زعموا أن الأصلين، لا يجوز أن يكونا قديمين أزليين، بل النور أزلي والظلمة محدثة.
ثم لهم اختلاف في سبب حدوثها، أمن النور حدثت، والنور لا يحدث شرا جزئيا، فكيف يحدث أصل الشر، أم شيء آخر، ولا شيء يشترك مع النور في الإحداث والقدم، وبهذا يظهر تخبط المجوس، وهؤلاء يقولون: المبدأ الأول في الأشخاص كيومورث، وربما يقولون: زروان الكبير، والنبي الآخر زرادشت، والكيموثرية يقولون: كيومورث هو آدم -عليه السلام، وقد ورد في تاريخ الهند والعجم كيومورث آدم، ويخالفهم سائر أصحاب التواريخ.
ثم قال عن الكيومثرية: إنهم أثبتوا أصلين، يزدان وأهرمن، وقالوا: يزدان أزلي قديم، وأهرمن محدث مخلوق، قالوا: إن يزدان فكر في نفسه، أنه لو كان لي منازع كيف يكون، وهذه الفكرة رديئة غير مناسبة لطبيعة النور، فحدث الظلام من هذه الفكرة وسمي أهرمن، وكان مطبوعا على الشر والفتنة والفساد والضرر والإضرار، فخرج على النور وخالفه طبيعة وقولا، وجرت محاربة بين عسكر النور وعسكر الظلمة، ثم إن الملائكة توسطوا فصالحوا، على أن يكون العالم السفلي خالصا لأهرمن، وذكروا سبب حدوثه، وهؤلاء قالوا: سبعة آلاف سنة، ثم يخلي العالم ويسلمه إلى النور، والذين كانوا في الدنيا قبل الصلح، أبادهم وأهلكهم.
ثم بدأ برجل يقال له: كيمورث وحيوان يقال له: ثور؛ فقتلهما، فنبت من مسقط ذلك الرجل ريباس، وخرج من أصل ريباس رجل يسمى ميشا، وامرأة اسمها ميشانة، وهما أبوا البشر، ونبت من مسقط الثور الأنعام وسائر الحيوانات، وزعموا أن النور خير الناس وهم أرواح بلا أجساد، بين أن يرفعهم