عليها إن خيرًا فالجزاء خيرًا، وإن شرًا فيكون الجزاء شرًّا وكل هذا قدر مشترك بين جميع الرسالات السماوية.
أما الدين الوضعي؛ فالمعبود فيه قد يتغير من جيل إلى جيل، ومن قبيلة إلى أخرى، كذلك الدين الوضعي يُلازمه النقص وعدم الكمال؛ ذلك أنه من وضع الإنسان، والإنسان لا يمكنه أن يُحيط بجميع حاجات البشر ومتطلباتهم المتجددة دائمًا.
أما الدين السماوي فهو كامل أنه تامًا شامل؛ لأنه من وضع خالق السماوات والأرض، عَلّام الغُيوب الذي لا تغيب عنه صغيرة ولا كبيرة، والذي يحيط بكل شيء علمًا.
وهكذا نَلحظُ أن هذه الفروق إما مردها إلى دلائل السند كالفارق الأول، أو إلى دلائل المتن كالفروق الأخرى. ومما تجدر الإشارة إليه أن الدارس للأديان الوضعية مثل: أديان البرهمية، والبوذية، والجينية مثلًا أو الديانة الفارسية القديمة، أو ديانة قدماء المصريين، مما اصطلح على تسميته دينًا وضعيًّا يجدُ فيها ذكر لصفات الرب المتفرد بالكمال والجلال، أو ذكر اليوم الآخر والجزاء؛ مِمّا لا إمكانية للعقل معه من علم الغيب، ولا قدرة له عليه؛ فلا سبيل لإدراك شيء منه إلا بالسماع والنقل أو الوحي.
وهذا يعني: أنه دليل على بقاء آثار دين صحيح، وهو يتكامل مع قول الله تعالى:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}(النحل: ٣٦)، وقوله تعالى:{وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ}(فاطر: ٢٤).